كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 453
الإنباء وهو الإخبار العظيم عن حقيقة هذا الوعد الجسيم ، ويمكن أن أن يكون ذلك منهم على طريق الاستهزاء كالأول ، فيكون التعجب ولتوبيخ فيه بعد ما مضى من الأدلة أشد ) أحق هو ) أي أثابت هذا الذي تتوعدنا به أم هو كالسحر لا حقيقية له كما تقدم أنهم قالوه ) قل ) أي في جوابهم ) إي وربي ) أي المحسن إليّ المدبرلي والمصدق لجميع ما آتى به ؛ ولما كانوا منكرين ، أكد قوله : ( إنه لحق ) أي كائن ثابت لا بد من نزوله بكم .
ولما كان الشيء قد يكون حقاً ، ويكون الإنسان قادراً على دفعه فلا يهوله ، قال نفياً ذلك : ( وما أنتم ) أي لمن توعدكم ) بمعجزين ( فيما يراد بكم .
يونس : ( 54 - 57 ) ولو أن لكل. .. . .
) وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أَلا إِنَّ للَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ يأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ( ( )
ولما أخبرهم بحقيقة ، أخبرهم بما يكون منهم من الظلم ايضاً عند معياينتهبالسماح ببذل جميع ما في الأرض حيث لا ينفع البذل بعد ترك لمأمور به وهو من أيسر الأشياء وأحسنها فقال : ( ولو أن لكل نفس ظلمت ) أي عند المعاينة ) مافي الأرض ) أي كلها من خزائنها ونفائسها ) لا فتدت به ) أي جعلت فدية لها من العذاب لكنه ليس لهم ذلك ، لو كان من قبل منهم ، فإذا وقع ما يوعدون استسلموا ) وأسروا الندامة ) أي اشتد ندمهم ولم يقدروا على الكلام ) لما رأوا العذاب ( لأنهم بهتوا لعظم ما دهمهم فكان فعلهم فعل المسر ، لأ ؟ نهم لم يطيقوا بكاء ولا شكاية ولا شيئاً مما يفعله الجازع ؛ والاستنباء : طلب النبأ كما أن الاستفهام طلب الفهم ؛ والنبأ : خبر عن يقين في أمر كبير ؛ والحق : عقد على المعنى على ماهو به تدعو لحكمة إليه ، وكل ما بنى على هذا والقوة فيما طريقة الب الأمر ، وذلك فيما يحتمل أمرين احدهما أشبه بألاصل الذي جاء به النص ؛ والافتداء : إيقاع الشيء بدل غيره لرفع المكروه ، فداه فديه وأفداه وافتداه افتداء وفاداه مفاداة وفداه تفدية وتفادي منه تفادياً ؛ والإسرار : إخفاء الشيء في النفس ؛ والندامة : الحسرة على ما كان يتمنى أنه لم يكن أوقعها ، وهي حال معقولة يتأسف صاحبها على ما وقع منها ويود أنه لم يكن أوقعها .
ولما اشتملت الآيات الماضيات على تحتم إنجاز الوعد والعدل في الحكم ،

الصفحة 453