كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 454
وختمت بقوه : ( وقضي ( اي وأوقع القضاء على أيسر وجه وأسهله ؛ ولما ستغرق القضاء جميع وقائعهم .
دل بنزع الجار فقال : ( بينهم ( اي الظالمين والمظلومين والظالمين والأظلمين ) بالقسط ) أي العدل ؛ ولما كان وقوع ذلك لا ينفي وقوع الظلم في وقت آخر قال : ( وهم ) أي والحال أنهم ) لا يظلمون ) أي لات يقع فيهم ظلم من أحد أصلاً كائناً من كان في وقت ما .
ولما كان السبب الحامل لملوك الدنيا على الكذب والجور والظلم العجز أو طلب التزيد في الملك ، أشار إلى التنزهه عن ذلك بقوله مؤكداً سوقاً لهم مساق المنكر لن فعلهم في عبادة الأصنام فعل من ينكر مضمون الكلام : ( ألا إن الله ( اي الملك الأعظم وحده ) ما في السموات ( بدأ بها لعلوهامعنى وحساً وعظمتها ؛ ولما كان المقام لغنى عن الظلم لم يحوج الحال إلى تأكيد بإعادة النافي فقال : ( والأرض ) أي من جوهر وعرض صامت وناطق ، فلا شيء خارج عن ملك يحوجه إلى ظلم أو خلاف وعد لحيازته ، والحاصل أنه لا يظلم إلا ناقص الملك وأما من له الملك كله فهو الحكم العدل : لأن جميع الأشياء بالنسبة إليه على حد سواء ، ولا يخلف لوعد إلا ناقص القدرة وأما من له كل شيء ولا يخرج عن قبضته شيء فهو المحق في الوعد العدل في لقدرة وأما من له كل شيء ولا يخرج عن قبضته شيء فهو المحق في الوعد إلا ناقص القدرة وأما من له كل شيء ولا يخرج عن قبضته شيء فهو ا لمحق في الوعد العدل في الحكم ، وفي الآية زيادة تحسير وتندم للنفس الظالمة حيث أخبرت بأن ما تود ان تفتدي به ليس لها منه شيء ولا تقدر على التوصل إليه ، ولو قدرت ما قبل منها ، وإنما هو لمن لارضي منها بالقليل منه فضلاً منه عليها على ما أمر به على لسان رسله ، وعلى هذا فيجوز ان يكون التقدير : لو أن لها ذلك لافتدت به ، لكنه ليس لها بل لله ؛ فلما ثبت بذلك حكمه بالعدل وتزهه عن غخلاف الوعد .
صرح بمضمون ذلك بقوله مؤكداً لإنكارهم : ( الا إن وعد الله ) أي الذي له الكمال كله ) حق ( لنه تام القدرة والغنى ، فلا حامل له على الإخلاف ) ولكن أكثرهم ( اي الذين تدعوهم وهم يدعون دقة الأفهام وسعة العقول ) لا يعلمون ) أي لا علم لهم فهم لا يتدبرون ما نصبنا من الأدلة فلا ينقادون لما أمرنا به االشريعة فهم باقون على الجهل معدودون مع البهائم ؛ و ) ألا ( مركبة من همزة الاستفهام و ( لا ) وكانت تقريراً وتذكيراً فصارت تنبيهاً ، وكسرت إن بعدها لأنها استئنافيه ينبه بها على معنى يبتدأ به ولذا يقع بعدها الأمر والدعاء بخلاف ( لو ) و ( إلا ) للاستقبال فلم يجز بعدها إلا كسر ( إن ) ( إما ) قد تكون بمعنى ( حقاً ) في قولهم : أما إنه منطلق ، وهي للحال فجاز في ( أن ) بعدها الوجهان - ذكره الرماني ؛ السماوات طبقات مرفوعه اولها سقف مزين بالكواكب. وهي من سما بمعنى علاز ولما تقرر أنه لا شيء خارج عن ملكه ، وأنه تام القدرة لأنه لا منجي من عذابه ،

الصفحة 454