كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 466
وأملى لهم طويلاً فما زادهم ذلك إلا نفوراً ) يا قوم ) أي يا من يعز عليّ ويشق عليّ ما يسوءهم لتهاونهم بحق ربهم مع قوتهم على الطاعة ) إن كان كبر ) أي شق وعظم مشقة صارت جبلة عليكم ) عليكم ( ولما كانت عادة الوعظ والخطباء أن يكونوا حال الخطبة واقفين ، قال : ( مقامي ( اي قيامي ، ولعله خص هذا المصدر لصلاحيته لموضع القيام وزمانه فيكون الإخبار بكراهيته لأجل ما وقع فيه من القيام أدل علىكراهة القيام ) وتذكيري ( اي بكم ) بآيات الله ) أي الذي له الجلال والإكرام ، فإن ذلك لا يصدني عن مجاهدتي بما يكبر عليكم من ذلك خوفاً منكم لأن الله أمرني به وأنا أخاف عذابه إن تركت ، ولا أبالي بكراهيتكم لذلك خوف عاقبة ثصدقكم اي بالأذى ) فعلى ) أي فإني على ) الله ( اي الذي له العزة كلها وحده ) توكلت ( فإقامة ذلك المقام الجزاء من إطلاق السبب - الذي هو التوكل - على المسبب - الذي عو انتفاء الخوف - مجازاً مرسلاً ، إعلاماً لهم بعظمة الله وحقارتهم بسبب أنهم أعرضوا عن الآيات وهم يعرفونها ، بما دل عليه التعبير بالتذكير ، فدل ذلك على عنادهم بالباطل ، والمبطل لا يخشى أمره لأن الباطل لا ثبات له ، ودل على ذلك بقوله : ( فأجمعوا أمركم ) أي في أذاي بالإهلاك وغيره ، أهزموا على أنه لا يخافهم وإن شركاءهم أحياء كائنين من كانوا وكانت كلمتهم واحدة لا فرقة فيها بوجه .
ولما كان الذي ستستر بالأمور بما يفوته بعض المقاصد لاشتراط التستر ، أخبرهم أنه لا يمانعهم أبدوا أو أخفوا فقال : ( ثم لا يكن ) أي بغعد التأبي وطول زمان المجاوزة في المشاورة ) أمركم ) أي الذي تقصدونه بي ) عليكم غمة ) أي خفياً يستتر عليكم شيء منه بسبب ستر ذلك عني لئلا أسعى في معارضتكم ، فلا تفعلوا ذلك بل جاهروني به مجاهرة فإنه لا معارضة لي بغير الله الذي يستوي عنده السر والعلانية ؛ والتعبير ب ) ثم ( إشارة إلى التأني وإتقان الأمر للأمان من معارضته بشيء من حول منه أو قوة ) ثم اقضوا ( ما تريدون ، أي بتوه بتة المقضي إليه واصلاً ) إلي ( .
ولما كان ذلك ظارهاً في الإنجاز وليس صريحاً ، صرح به في قوله : ( ولا تنظرون ) أي ساعة ما ، وكل ذلك لإظهار قلة المبالاة بهم للاعتماد على الله لأنه لا يعجزه شيء ومعبوداتهم لا تغني شيئاً ؛ ثم سبب عن ذلك قوله : ( فإن توليتم ( ي كلفتم أنفسكم الإعراض عن الحق بعد عجزكم عن إهلاكي ولم ينفعكم علمكم بأن

الصفحة 466