كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 468
أي كوناً كان كأنه جبلة ) عاقبة ) أي آخر أمر ) المنذرين ) أي الغريقين في هذا الوصف وهم الذين أنذرتهم الرسل ، فلم يكونوا أهلاً للبشارة لأنهم لم يؤمنوا لنعلم أن من ننذرهم كذلك ، لا ينفع من أردنا شقاوته منهم إنزال آية ولا إيضاح حجة ؛ والتوكل : تعمد جعل الأمر إلى من يدبره للتقدير في تدبيره ؛ والغمة : ضيق الأمر الذي يوجب الحزن ؛ والتولي : الذهاب عن الشيء ؛ والأجر : النفع المستحق بالعمل ؛ والإسلام الاستسلام لأمر الله بطاعته بأنها خير ما يكتسبه العباد .
يونس : ( 74 - 78 ) ثم بعثنا من. .. . .
) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ فَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ قَالَ مُوسَى أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَآءُ فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ( ( )
ولما لم يكن في قصص من بينه وبين موسى عليهم السلام مما يناسب مقصود هذه السورة إلا ما شاركوت فيه قوم نوح من أنهم لم تنفع الآيات من أريدت شقاوته منهم ، ذكره سبحانه طاوياً لما عداه فقال تعالى : ( ثم ) أي بعد مدة طويلة ) بعثنا ) أي على عظمتنا ؛ ولما كان البعث لم يستغرق زمان البعد ، أدخل الجالر فقال : ( من بعده ) أي قوم نوح ) رسلاً ( كهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب عليهم الصلاة والسلام .
ولما كان ربما ظن أن قوم الإنسان لا يكذبونه ، وإن كذبوه لم يتمادوا على التكذيب ) فجاءوهم ) أي فتسبب عن استنادهم إلى عظمتنا أن جاؤوهم ) بالبينات ( لزيزول تكذيبهم فيؤمنوا ) فما ) أي فتسبب عن ذلك ضد ما أمروا له وقامت دلائله وهو أنهم ما ) كانوا ) أي بوجه من وجوه الكون ) ليؤمنوا ) أي مقرين ) بما كذبوا ) أي مستهنين ) به ( أول ما جاؤوهم .
ولما كان تكذبيهم في بعض الزمن الماضي ، أدخل الجار فقال : ( من قبل ) أي قبل مجيء البينات لأنا طبعنا على قلوبهم ؛ قال أبو حيان : وجاء النفي مصحوباً بلام الحجود ليدل على أن إيمانهم في حيز الاستحالة والامتناع - انتهى .
ويجوز أن يكون التقدير : من قبل مجيء الرسل إليهم ، ويكون التكذيب أسند إليهم لأن أباهم كذبوا لما بدلوا ما كان عندهم من الدين الصحيح الذي أتتهم به الرسل ورضوا هم بما أحدث آاؤهم استحساناً له ، أو لأنه كان بين

الصفحة 468