كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 472
أتى به سحر تمكن معارضته إيقافاً للناس عن تباعه ، فقال تعالى حكاية عطفاً على قوله : ( قالوا أجئتنا ( : ( وقال فرعون ( إرادة المناظرة لما أتى به موسى عليه السلام ) ائتوني بكل ساحر عليم ( اي بالغ في علم السجر لئلا يفوت شيء من السحر بتأخير البعض ، وقرءة حمزة والكسائي بصيغة فعال دالة على زيادة لزعمه أقل من سياق الشعراء كما مضى في الأعراف .
ولما كان التقدير : فامتثلوا أمره وجمعوهم ، دل على قرب اجتماعهم بالفاء في قوله : ( فما جاء السحرة ( اي كل من في أرض مصر منهم ) قال لهم موسى ( مزيلاً لهذا الإيهام ) ألقوا ( جميع ) ما أنتم ملقون ( اي راسخون في صنعه إلقائهن إشارة غلى أن ما جاؤوا به ليس اهلاً لأن يلقى إليه بال ) فلما ألقوا ) أي وقع منهم الإلقاء بحبالهم وعصيهم على إثر مقالاته وخيلوا بسحرهم لعيون الناس ما زلزل عقولهم ) قال موسى ( منكراً عليهم ) ما جئتم به ( ثم بين انه ما استفهم ايضاً سواء قطعت الهمزة ومدت كما في قراءة أبي عمرو وأبي جعفر أوجعلت همزة وصل كما في قراءة الباقسن ، فإن همزة الاستفهام مقدرة ، والعريف إما للعهد وإما للحقيقة وهو أقرب ، ويجوز في قراءة الجماعة أن يكون خبراً لما يقصد به الحصر ، اي هو السحر لا ما نسبوتموه إليّ ؛ ثم استأنف بيان ما حقره به فقال : ( إن الله ) أي الذي له إحاطة العلم والقدرة ) سيبطله ) أي قريب بوعد لا خلف فيع ؛ ثم علل ذلك بما بين أنه فساد فقال : ( إن الله ) أي الذي له الكمال كله ) لا يصلح ) أي وفي وقت من الأوقات ) عمل المفسدين ( اي العريقين في الفساد بأن لا ينفع بعملهم ولا يديمه ؛ ثم عطف عليه بيان إصلاحه عمل المصلحين فقال : ( ويحق ( اي يثبت إثباتاً عظيماً ) الله ) أي الملك الأعظم ) الحق ) أي الشيء الذي له الثبات صفة لازمة ؛ ولما كان في مقام تحقيرهم ، دل على ذلك بتكرير الاسم الجامع الأعظم .
وأشار غلى ما له من الصفات العلى بقوله : ( بكلماته ) أي الأزلية التي لها ثبات الأعظم ، وزاد في العظمة بقوله : ( ولو كره المجرمون ( ايالعريقون في قطع ما أمر الله به أن يوصل ، فكان كما قال عليه السلام بط سحرهم ، واضمحل مكرهم ، وحق - كما بين في سورة الأعراف .
ولما حكى سبحانه أن موسى عليه السلام أبان ما أبان من بطلان السحر وكونه غفساداً ، فثبت ما أتى به لمخالفته له ، أخبر تعالى - تسلية للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وفطماً عن طلب الإجابة للمقترحات - أنه ما تسبب عن ذلك في أول الأمر عقب إبطال سحرهم من غير مهلة إلا إيمان ناس ضعفاء غير كثير ، فقال تعالى : ( فما آمن ) أي متبعاً ) لموسى ( أي

الصفحة 472