كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 476
بالمنهاج : وإذا تمنى مسلم كفر مسلم فهذت على وجهين : احدهما أن يتمناه له كما يتمنى الصديق لصديقه الشيء يستحسنه فيحب أن يكون له فيه نصيب ، فهذا كفر لأن استحسان الكف كفر ، والآخر أن يتمناه له كما يتمنى لعدوه الشيء يستفظعه - فيجب أن يقع فيه ، فهذا ليس بكفر ، تمنى موسى صلوات الله عليه وسلامه بعد أن أجهده فرعون ألا يؤمن فرعون وملأه ليحق عليهم العذاب ، وزاد على ذلك أن دعا الله تبارك وتعالى فلم ينكر تعالى ذلك عليه لعلمه أن شدته على فرعون وغلظته عليه لما رآه من عتوه وتجبره هي التي حملته على ذلك ، فمن كان في معناه فله حكمه ؛ وقد نقل ذلك عنه الزركشي في حرف الثاء من قواعده مرتضياص له ، ونقل عنه أيضاً أنه قال : ولو ان في قلب مسلم على كافر فاسلم فحزن المسلم لذلك وتمنى لو عاد إلى الكفر لا يكفر ، لأن استقباحه الكفر هو الذي حمله على تمنيه واستحسانه الإسلام هو الحالم لله على كراهته ؛ ونقل عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أنه لو قتل عدو للإنسان ظلماً ففرح هل ياثم إن فرح بكونه عصى الله فيه فنعم ، وإن فرح بكونه خلص من شره فلا بأس لاختلاف سببي الفرخ - انتهتى .
ويؤيده ما روى البيهقي في دلائل النبوة بسنده عن مقسم مرسلاً أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) دعا عل عتبة بن أبي وقاص البيهقي يوم أحد حين كسر رباعيته ودمي وجهه فقال : ( اللهم لا تحل عليه الحول حتى يموت كافراً ) فما حال عليه الحول حتى مات كافراً غلى النار ، ومسألة أن الرضى بالكفر كفر نقلها الشيخان عن المتولي وسكتا عليها ، ولكن قال الشيخ محيي الدين في شرح المهذب : إن ذلم إفراط ، فما تقدم من التفصيل عن الحليمي وابن عبد السلام هوالمعتمدن والمسألة في أصل الروضة .
فإنه قال : لو قال لمسلم : سلبه الله الإيمان ، أو لكافر : رزقه الله الإيمان ، فليس بكفر لأنه ليس رضى بالكفر لكنه دعاء عليه بتشديد الأمر والعقوبة ؛ قلت : ذكر القاضي حسين في الفتاوى وجهاً ضعيفاً أنه لو قال مسلم : سلبه الله الإيمان ، كفر - والله أعلم ، وحكى الوجهين عن القاضي في الأذكار وقال : إن الدعاء بذلك معصية .
يونس : ( 90 - 92 ) وجاوزنا ببني إسرائيل. .. . .
) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَآ أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنواْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ( } )

الصفحة 476