كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 481
صدقنا لهم في الوعد أنهم ما ) اختلفوا ) أي أوقعوا الخلف المفضي إلى جعل كل منهم صاحبه خلفه ووراء ظهره .
واستهان به ) حتى جاءهم العلم ( الموجب لاجتماعهم على كلمة واحدة لما له من الضبط حتى يكون أتباعه على قلب واحد .
فكأنه قيل : فماذا يفعل بهم ؟ لا هم بعقولهم ينتفعون ولا بما جاءهم من الحق يرجعون ؟ فقيل مؤكداً لإنكار العرب البعث : ( إن ربك ) أي المحسن إليك بإصاء الأنبياء بك وزوصفك في كتبهم وجعلك صاحب لواء الحمد في القايمة ) يقضي بينهم ( .
ولما كان هذا تهديداً عظيماً ، زاده هولاً وعظمة بقوله : ( يوم القيامة ) أي الذي هو أعظم الأيام ) فيما كانوا ) أي بافعالهم الجبلية ) فيه يختلفون ( فميز الحق من الباطل ، والصديق من الزنديق ، ويسكن كلاًّ داره .
ذكر بعض ما في التوراة من المن عليهم يالأرض المقدسة : قال قي أثناء السفر الخامس : قد رأت اعينكم جميع أعمال الله العظيمة التي عمل ، فاحفظوا جميع الوصايا التي أمركم اله بها اليوم لتدخلوا الأرض التي تجوزون إليها لترثوها وتطول أعماركم في الأرض التي أقسم الله لآبائكم أن يعطيهم ويرثها نسلهم الأرض التي تغل السمن والعسل .
لأن الأرض التي تدخلونها لترثوها ليست مثل ألاض مصر التي خرجتم منها التي كنتم تحتاجون فيها أن تستقوا بأرجلكم وتسقوها مثل بساتين السقي ، ولكن الأرض التي تجوزون إليها لترثوها هي أرض الجبال والصحارى ، وإنما تشرب من مطر السماء .
يتعاهدها الله ربكم في كل حين ، وعينا الله ربنا فيها منذ أول السنة إلى لآخر السنة .
فإن أنتم سمعتم الأحكام التي آمركم بها اليوم وتتقون الله ربكم وتعبدونه من كل قلوبكم وأنفسكم يديم نظره إلأيكم ، ويمطر لكم في الخريف والربيع جميعاً ، وتستغلون طعاماً وشراباً وزيتاً ، وينبت في حرثكم عشباً لمواشيكم ، وتأكلون وتعشبون ، احفظوا أن لا تخدع قلوبكم وتروغوا إلى الآلهة الأخرى وتسجدوا لها وتعبدوها فيشتد غضب الرب عليكم ، ويمنع السماء من المطر والأرض من غلاتها ، وتهلكوا شريعاً من الأرض التي يعطيم الله ربكم ، بل اجعلوا هذه الآيات في قلوبكم ، وصيروها ميسماً بين أعينكم ، وعلموها بينكم أن يتكلوموا بها في حضوركم وفي سفركم ، وإذا رقدتم وإذا قمتم ، واكتبوها على معاقم بيوتكم وأبوابكم لتطول أعماركم وأعمار أولادكم في الأرض التي اقسم الله لآبائكم أن يعطيهم .
وإن أنتم حفظتم هذه الوصايا كلها وعملتم بها وأحببتم الله ربكم وسرتم في طرقه ولحقتم بعبادته يهلك الرب الملوك كلها من بين أيديكم وترثون شعوباُ أعظم وأعز منكم ، وكل بلاد تطأها أقدامكم تكون لكم بين البرية ولبنان ومن النهر إلى الفرات : النهر الأكبر ، وتكون تخومكم عند البحر الآخر ، ولا يقدر أحد أن

الصفحة 481