كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 489
بوجه من الوجوه ) من الممترين ) أي الغافلين عن آيات الله فتطلب الفضل لأهل العدل ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا والله ما شك طرفة عين ولا سأل أحداً منهم .
ولما نهى عن ذلك لم يبق مما اقتضته القسمة العقلية إلاّ النعاد ممن يمكن منه كما فعل بنو إسرائيل بعد مجيء العلم فأتبعه النهي عن مثل حالهم بقوله : ( ولا تكونن ) أي بوجه من الوجوه ، والمراد بهذا اتباعه ) من الذيمن كذبوا ( اي فعلوا فعل المكذب مستهينين ) بآيات الله ) أي التي لا أعظم منها بإضافتها إلى من لا أعظم منه ) فتكون ( اي كوناً راسخاً ) من الخاسرين ( بل اثبت على ما أنت عليه من اليقين والطمأنينة والثقة بالله والسكينة ، وهذا ونحوه مما غلظت فيه العبارة دلالة على مزيد قرب المخاطب وإن كان المراد غيره وعظيم منزلته ولطيف خصوصيته كما مضى بيانه عن الإمام أبي الحسن الحرالي رحمه الله في سورة براءة عند قوله تعالى ) ) عفا الله عنك ( ) [ براءة : 43 ] - الآية ، وتغليظ العبارة فيه تديب عظيم لتابعيه ؛ والشك : الوقوف بين النقيضين ، وهو من شك العود فيما ينفذ فيه ، لأنه يقف بذلك الشك بين جهتيه ؛ والإنزال : نقل الشيء من علو إلى سفل ؛ والامتراء ؛ طلب التشكك مع ظهور الدليل ، من مري الضرع وهو مسحه ليدر .
ولما كان ما مضى من هذه الآيات وما كان من ظرازها قاضياً بأنه لا تغني الآيات عنهم .
صرح به قوله تعالى : ( إن الذيم حقت ( اي وجبت وثبتت ) عليهم ( اي بأنهم أشقياء ، وعبر بالاسم المفهم للإحسان إعلاماً بأنه ما أوجب عليهم العذاب إلاّ إحساناً غليه بما يقاسي من معالجتهم وغير ذلك من الحكمة فقال : ( كلمت ربك ( اي المحسن غليك في جميع امرك ) لا يؤمنون ( اي لا قبول لهم لتجدد الإيمان ) ولو جآتهم كل آية ( ونسبتها إلى قوله ) لقد جاءك الحق ( إلى ) فإن كنت في شك ( الآية في البيان المستفاد من حذف العاطف ، وإذا كان الكام في معنى واحد كان بمنزلة الكلمة الواحدة فسمي بها ) ) سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تحويلاً ( ) [ الأحزاب : 92 ] .
يونس : ( 98 - 100 ) فلولا كانت قرية. .. . .
) فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ ( ( )
ولما كان هذا موضع أن يقال : إنما تطلب الآيات لما يرى من تسبب الإيمان عنها ، تسبب عنه أن يجاب بقوله تعالى : ( فلولا ( اي فهلا ) كانت قرية ( اي واحدة من قرى الأمم الماضية التي أهلكناها ) آمنت ( اي آمن قومها عند إتيان الآيات أو عند رؤية اسباب العذاب ) فتفعهآ ) أي فتسبب عن إيمانها ذلك أنه نفعها - ) إيمانها ( ولما