كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 492
أي بأبصاركم وبصائركم لتخرجوا بالانتفاع بالعقل عن عداد البهائم ؛ قال الإمام : ولو أن الإنسان تفكر ي كيفية حكمه الله تعالى في خلق جناح بعوضة لانقطاع فكره قبل أن يصل إلى أول مرتبة من مراتب تلك الحكم والفوائد ، فلذلك أبهم في قوله : ( ماذا ) أي الذي ) في السماوات والأرض ) أي من الآيات وواضح الدلالات التي أخرجتموها - فإلفكم لها - عن عداد الآيات ، وهي عند التأمل من أعظم خوارق العادات ، وقال الإمام : فكأنه سبحانه نبه على القاعدة الكليه حتى يتنبه لأقسامها ، وقال أبو حيان أخذاً من الإمام : السبيل إلى معرفته تعالى هو بالتفكر في مصنوعاتهن ففي العالم العلوي في حركات الأفلاك ومقاديرها وأوضاعها والكواكب وما يختص بذلك من المنافع والفوائد ، وفي العالم السفلي في أحوال العناصر والمعادن والنبات والحيوان وخصوصاً حال الإنسان - انتهى .
ولما كان ما فيها من الآيات في غايه الدلالة ، نبه سبحانه على أن التوقف عن الإيمان بعد التنبيه على كيفية الاستدلال معاندة فقال : ( وما ( وهي نافية أو استفهامية ) تغني الآيات ( اي وإن كانت في غاية الوضوح ) والنذر ) أي الإنذارات أو الرسل المنذرون ) عن قوم ) أي وإن كانت فيهم قوة ) لا يؤمنون ) أي للحكم بشقائهم ، فكان ذل سبباً لتهديدهم بقوله : ( فهل ينتظرون ) أي بجميع قواهم في تكذيبهم للرسول وتخلفهم عن الإيمان ) إلا ) أي أياماً أي وقائع ) مثل أيام ( اي وقائع ) الذين خلوا ( ولما كان أهل الأيام الهائلة بعض من كان من قبل ، أتى بالجار فقال : ( من قبلهم ) أي من مكذي الأمم وهم القبط وقوم نوح ومن طوي بينهما من الأمم ، أي من حقوق الكلمة عليهم فنحل بهم باسنا ثم ننجيكم لإيمانكم كما كنا نحل بأولئك إذا كذبوا رسلنا ، ثم ننجي الرسل ومن آمن بهم حقاً علينا ذلك للعدل بين العباد .
ولما تقدمت الإشارة إلى أن الكلمة حقت على الكافرين بعدم الإيمان والرجس الذي و العقاب ، زاد في تهديدهم بالاعتراض بما سببه عن فعلهم فعل من ينتظر العذاب بقوله : ( قل فانتظروا ( اي بجميع جهدكم ما ترونه واقعاً بكم بسبب ما تقرر عندكم مما كا يقع بالماضين في أيام اللهن وزاد التحذير استءنافه قوله مؤكداً لما لهم من التكذيب : ( إني ( وأعملهم بالنصفة بقوله : ( معكم من المنتظرين ( .
ولما كان التقدير فإنا كنا في ايام الذين خلوا نوقع الرجس بالمكذبين ، عطف عليه بياناً لم كان يفعل بالرسل واتباعهم إذا أهلك الظالمين قوله : ( ثم ننجي ) أي تنجية عظيمة وننجيهم إنجاء عظيماً وجاء به مضارعاً خكايى للأحوال الماضية وتصويراً لها تحذيراً لهم من مثلها وإعلاماً بأنه كذلك يفعل بهذا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) واتباعه رضي الله