كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 500
رتبته غير خفي ) يمتعكم ( اي يمد في تلذيذكم بالعيش مداً ، من متع النعار : ارتفع ، والضحى : بلغ غايته ، وأمتعه الله بكذا : ابقاه وأنشأه غلى ان يبلغ شبابه ؛ ولما ، كان التمتيع - وهو المتاع البالغ فيه حتى لا يكون فيه كدر - لا يكون إلى في الجنة فلذلك جعل المصدر ) متاعاً ( وأنه وضع موضع ( تمتيعاً ) ، هذا المصدر ووصفه بقوله : ( حسناً ( ليدل على أنه أنهى ما يليق بهذه الدار ، ولقد كان ما أوتيه الصحابة رضي الله عنهم في زمن عمر رضي الله عنه من الظفر بالإهداء وسعة الدنيا ورغد العيش كذلك ) إلى ( اي ممتداً إلى ) أجل مسمى ) أي في علمه إما بالموت لكل واحد أو بانقضاء ما ضربه من الأجل ما قصد بعمله على وجه التفضيل منه سبحانه فإنه لا يجب لأحد عليه شيء ، وهومع ذلك على حسب التفضيل : الحسنة بعشرة أمثالها ؛ قال ابن مسعود : وهلك من غلبت آحاده عشراته .
ولما انقضى التبشير مجزوماً به ، اتبعه التحذير مخوفاً منه لطفاً بالعباد واستعطافاً لهم فقال : ( وإن تولوا ( اي تلكفوا أنفسكم ضد ما طبعها الله عليه من سلامة الفطرة وسهولة الانقياد من الإعراض ولو أدنى درجاته بما اشار إليه حذف التاء ) فإني أخاف عليكم ) أي والعاقل من أبعد عن المخاوف ) عذاب يوم كبير ) أي لكبر ما فيه من العذاب ممن قدر على إثباتكمن وخص اسم الرب تذكيراً بما له من النعم في الإيجاد والإنشاء والتربية ؛ ولماكان الاستغفار - وهو طلب الغفران - مطلوباً في نفسه لكنه لا يعتبر إلا إذا قرن بالتوبة ، عطف عليه ب ) ثم ( إشارة إلى عظيم رتبتها وعلى منزلتها وإت كان المراد بها الدوام عليها فجليل رتبته غير خفي ، وفي التعبير عن العمل بالفضل إشارة إلى أنه لم يقع التكليف غلا بما في الوسع مع أنه من معالي الأخلاق ، لأن الفضل في الأصل ما فضل عن الإنسان وتعانيه من كريم الشمائل ، وما كان كذلك فهو في الذروة من الإحكام ، لأنه منع الفعل من الفساد ؛ والحكيم من الحكمة وهي العلم بما يجمع عليه مما يمنع الفعل من الفساد والنفص ، وبها يميز الحسن من القبيح والفاسد من الصحيح ، وقد أشارت الآية إلى أن الاستغفار والتوبة سبب السعة
77 ( ) ولو أنهم اقاموا التوارة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ( ) 7
[ المائدة : 66 ] وأن الإعارض سبب الضيق كما قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) ) ويؤت كل ذي فضل فضله ( إشارة إلى ثواب الآخرة ، فالتوبة سبب طيب العيش في الدنيا والآخرة .
وقال الإمام أبو جعفر ابنالزبير في كتابه في مناسبة هذه السورة للتي قبلها .
ولما كانت سورة يونس عليه السلام قد تضمنت - من آي التنبيه والتحريك للفطر ومن العظات والتخويف والتهديد والترهيب والترغيب وتقريع المشركين الجاحدين والقطع بهم

الصفحة 500