كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 501
والإعلام بالجريان علىحكم السوابق ووجوب التفويض والتسليم - ما لم تشمل على مثله سورة لتكرر هذه الأغراض فيها ، وسبب تكرر ذلك فيها - والله أعلم - أنها أعقبت بها السبع الطوال ، وقد مر التنبيه على أن سورة الأنعام بها وقع استيفاْ بيان حال المتنكبين عن الصراط المستقيم على اختلاط أحوالهم ، ثم استوفت سورة الأنعام ما وقعت الإحالة عليه من احوال الأمم السالفة كما تقدم وبسطت ما أجمل من أمرهم ، ثم اتبع ذلك بخطاب المستحبين لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وحذروا وأنذروا ، وكشف عن حال من تلبس بهم من عدوهم من المنافيقين ، وتم المقصود من هذا في سورتي الأنفال وبراءة ، ثم عاد الخطاب إلى طريقة الدعاء غلى الله ولتحذير من عذابه بعد بسط ما تقدمن فكان مظنة تأكيد التخويف والترهيب لإتيان ذلك بعد بسط حال وإيضاح أدلة ، فلهذا كانت سورة يونس مضمنة من هذت ما لم يضمن غيرها ، ألا ترى افتتاحها بقوله :
77 ( ) إن ربكم الله ( ) 7
[ يونس : 3 ] .
ومناسبة هذا الافتتاح دعاء الخلق إلى الله في سورة البقرة بقوله تعالى :
77 ( ) يا أيها الناس اعبدوا ربكم ( ) 7
[ البقرة : 21 ] ثم قد نبهوا هنا كما نبهوا هناك فقال تعالى :
77 ( ) أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله ( ) 7
[ يونس : 38 ] ثم تاكدت المراعظ والزواجر والإشارات إلى أحوال المكذبين والمعاندين ، فمن التنبيه
77 ( ) إن ربكم الله ( ) 7
[ يونس : 3 ] ،
77 ( ) هو الذي جعل الشمس ( ) 7
[ سورة يونس ، آية : 5 ] ،
77 ( ) إن في اختلاف الليل والنهار ( ) 7
[ سورة يونس ، آية : 6 ] ،
77 ( ) قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده ( ) 7
[ يونس : 34 ] ،
77 ( ) قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق ( ) 7
[ سورة يونس ، آية : 35 ] ،
77 ( ) قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ( ) 7
[ سورة يونس ، آية : 101 ] - إلى غير هذا ، وعلى هذا السنن تكررت العظات والأغراض المشار إليها في هذه السورة إلى قوله :
77 ( ) ياأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم ( ) 7
[ سورة يونس ، آية : 108 ] فحصل مما تقدم تفصيل أحوال السالكين والمتنكبين ، فلما تقررب هذا كله أتبع المجموع بقوله : ( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ( وتأمل مناسبة الإتيان بهذين الاسمين الكريمين وهما ) الحكيم الخبير ( ثم تأمل تلاؤم صدر السورة بقوله :
77 ( ) يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم ( ) 7
[ سورة يونس ، آية : 108 ] وقد كان تقدم قوله تعالى :
77 ( ) قد جاءتكم موعظة من ربكم ( ) 7
[ يونس : 57 ] فأتبع قوله : ( قد جاءكم الحق من ربكم ( بقوله في صدر سورة هود
77 ( ) كتاب أحكمت آياته ثم فصلت ( ) 7
[ هود : 41 ] فكأنه في معرض بيان الحق والموعظة ، وإذا كانت محكمة مفصلة فحق لها أن تكون شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ، وحق توبيخهم في قوله تعالى :
77 ( ) بل