كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 513
على غير أساس ؛ والزينة : تحسين الشيء بغيره من لبسه أو حلية أو هيئة ؛ والتوفية : تأدية الحق على تمام ؛ وحبوط العمل : بطلانه ، من قولهم : حبط بطنه - إذا فسد بالمأكل الرديء .
ولما اتضحت الحجج وانتهضت الدلائل فأغرقتهم عوالي اللجج ، كان ذلك موضع الإنكار على من يسوي بين المهتدي والمعتدي ، فكيف يفصل إما باعتبار النظر إلى الراسة الدنيوية غفلة من حقائق الأمور أو عناداً كمن قال من اليهود للمشركين : أنتم أهدى منهم ، فقال : ( أفمن كان على بينة ) أي برهان وحجة ) من ربه ( بما آتاه من ونر البصيرة وصفاء العقل فهو يريد الآخرة ويبني أفعاله على أساس ثابت ) ويتلوه ) أي ويتبع هذه البينة ) شاهد ( هو القرآن ) منه ) أي من ربه ، أو تأيد ذلك البرهان برسالة رسول عربي بكلام معجز وكان ) من قبله ) أي هذا الشاهد مؤيداً له ) كتاب موسى ) أي شاهد ايضاً وهو التوارة حال كونه ) إماماً ( يحق الاقتداء به ) ورحمة ) أي لكل من اتبعه .
ولما كان الجواب ظاهراً حذفه ، وتقديره - والله أعلم : كمن هو على الضلالة فهو يريد الدنيا فهو يفعل من المكارم ما ليس مبنياً على أساس صحيح ، فيكون في دار البقاء والساعدة هباء منثوراً ؛ ولما كن هذا الذي على البينة عظيماً ، ولم يكن يراد به واحداً بعينه ، استأنف البيان لعلو مقامه بأداة الجمع بشارة لهذا النبي الكريم بكثرة أمته فقال : ( أولئك ) أي العالو الرتبة بكونهم على هدى من ربهم وتأيد هداهم بشاهد من قبله وشاهد من بعده مصدق له ) يؤمنون به ) أي بهذا القرآن الذي هو الشاهد ولا ينسبون ىلآتي به إلى أنه افتراه ) ومن يكفر به ) أي بهذا الشاهد ) من الاحزاب ( من جميع الفرق وأهل الملل سواء ، سوى بين الفريقيين جهلاً أو عناداً ) فالنار موعده أي وعيده ( وموضع وعيده يصلى سعيرها ويقاسي زمهريرها .
ولما عم بوعيد النار ، اشتد تشوف النفس لما سبب عنه فقرب إزالة ما حملت من ذلك بالإيجاز ، فاقتضى الأمر حذف نون ( تَكن ) فقيل : ( فلا تكُ ) أي أيها المخاطب الأعظم ) في مرية ( اي شك عظيم ووهم ) منه ) أي من القرآن ولا يضيق صجرك عن إبلاغه ، أو من الوعد الذي هو النار والخيبة وإن أنعمنا على المتوعد بذلك ونعمناه في الدنيا ؛ ثم علل النهي بقوله : ( إنه ( القرآن أو الموعد ) الحق ( اي الكالمل ، وزاد في الترغيب فيه بقوله : ( من ربك ) أي المحسن إليك بانزاله عليك .