كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 527
أنه سبحانه لا يجب عليه شيء ولا يقبح منه شيء ، بل ولا يسأل عما يفعل وإن كان لا يقع غلا ما أخبر به ؛ ثم بين لهم عجزهم وخطأهم في تعرضهم للهلاك فقال : ( وما أنتم بمعجزين 8 ) أي في شيء من الأوقات لشيء مما يريده بكم سبحانه ؛ والإكثار : الزيادة على مقدار الكفاية ؛ والمجادلة : المقابلة بما يفتل الخصم عن مذهبه بحجة أو شبهة ، وهو من الجدل وهو شدة الفتل والمطلوب به الرجوع عن المذهب ، والمطلوب بالحجاج ظهور الحجة ، فهو قد يكون مذموماً كالمراء ، وذلك حيث يكون للتشكيك في الحق بعد ظهوره ، وحيث قيد الجدال ب ) ) التي هي أحسن ( ) [ العنكبوت : 46 ] فالمراد به إظهار الحق .
ولما بين أنهم إنما هم في قبضته سبحانه ، زاد في بيان عظمته وأن إرادته تضمحل معها كل إرادة في سياق دال على أنه بذلك ناصح لهم وأن نصحه خاص بهم ، فقال جواباً لما وهموا من أن جداله لهم كلام بلا طائل : ( ولا ينفعكم نصحي ( وذكر إرادته لكا يريد أن يذكره من إرادة الله فقال : ( إن أردت ( اي جمعت إلى فعل النصح إرادة ) أن أنصح لكم ( بإعلام موضع الغي ليتقى والرشد ليتبع ، وجزاءه محذوف تقديره : لا ينفعكم نصحي ) إن كان الله ) أي الذي له المر كله ) يريد أن يغويكم ) أي يضلكم ويركبكم غير الصواب فإنه إرادته سبحانه تغلب إرادتي وفعلي معاً لا ينفعكم شيء إشارة إلى أنكم لا تقدرون على دفع العذاب بقوة فتكونوا غالبين ، ولا بطاعة فتكونوا محبوبين مقربين إن كان الله يريد إهلاككم بالإغواء ، وأن أردت أنا نجاتكم ، ولم يقل : ولا ينفعكم نصحي إن نصحت لكم ، إشارة إلى أني لا أملك إلا إرادتي لنصحكم ، فإذا أردته فغاية ما يترتب عليه من فعلي وقوع النصح وإخلاصه لكم ، وأما النفع به فلا شيء منه إليّ ، بل هوتابع لمراد الله ، فإن أراد غوايتكم حصلت لا محالة ، ولم يقع ما قد يترتب على النصح من عمل المنصوح بمقتضاه المستجلب لنفع المستدفع للضر ؛ ثم رغبهم في إحسانه ورهبهم من انتقامه معللاً لعدم ما لا يريده : ( هو ربكم ) أي الموجد لكم المدبر لأموركم فهو يتصرف وحده لما يريد .
ولما كان التقدير : فمنه مبدؤكم ، عطف عليه قوله : ( وإليه ) أي لا إلى غيره ) ترجعون ) أي بايسر أمر وأهونه بالموت ثم البعث فيجازيكم على أعمالكم كما هي عادة الملوك مع عمالهم .
هود : ( 35 - 40 ) أم يقولون افتراه. .. . .
) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ