كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 539
اليبس .
وبقي نوح ومن معه في الفلك ، واشتدت المياه على الأرض مائة وخمسين يوماً ؛ وإن الله ذكر نوحاً وكل السباع والدواب وجميع الطيور التي معه في التابوت .
فأهاج الله ريحاً على وجه الأرض فسكنت المياه والأمطار .
واشتدت ينابيع الغمر وميازيب وغاضت المياه بعد مائة وخمسين يوماً ، وسكن التابوت ووقف في الشهر السابع لثلاث عشرة ليلة بقيت من الشهر على جبال قودي وجعلت المياه تنصرف وتنتقص إلى الشهر العاشر ، وظهرت رؤوس الجبال في أول يوم اشهر العاشر ، فلما كان بعد ذلك بأربعين يوماً فتح نوح الكوة التي عملها في التابوت فارسل الغراب ، فخرج الغراب من عنده فلم يعد غليه حتى يبست المياه عن وجه الأرض ، ثم ارسل الحمامة من بعده ليرى هل قلت المياه عن وجه الأرض فلم تجد الحمامة موضعاً لموطىء رجليها فرجعت إلى التابوت لأن المياه كانت بعد على وجه الأرض ، فمد يده فأخذها وأدخلها إليه وانتظر سبعة أيام أخرى ، ثم عاد فأرسل الحمامة فعادت عند المساء وفي منقارها ورقة زيتون ، فعلم أن الماء قد غاض عن وجه الأرض فصبر أيضاً سبعة ايام أخر ، ثم أرسل الحمامة فلم تعد إليه أيضاً ، ففتح نوح باب الفلك فرأى فإذا وجه الأرض قد ظهر وجفت الرض .
فكلم الرب الإله نوحاً وقال له : اخرج من التابوت أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك وكل السباع التي معك منكل ذي لحم والطيور والدواب ، وأخرج كل الهوام التي تدب على الأرض معك ، ولتتولد وتنمو في ألأرض وتكثر وتزداد على الأرض .
فخرج نوح ومن ذكر وبنى للرب مذبحاً وأخذ من جميع الدواب والطيور الزكية فأصعد منها على المذبح قرباناً للرب الإله ، فقال الرب الإله : لا أعود ألعن الأرض أبداً من أجل أمال الناس لأن هوى قلب الإنسان وحقده رديء منذ صباه ولا أعود ايضاً ابيد كل حي كما فعلت ، ومن الآن جميع ايام الأرض يكون فيها الزرع والحصاد والبرد والحر والقيظ والشتاء ، فبارك الله على نوح وبنيه وقال لهم : انموا واكثروا واملؤوا الأرض ، وليغش رعبكم وخوفكم جميع السباع وبهائم الأرض وكل طيور السماء وكل دابة تدب على الأرض ، وجميع حيتان البحور تكونن تحت أيديكم ، وكل الدواب الطاهرة الحية تكون لأكلكم ، وقد جعلت الأشياء كلها حلالاً لكم مثل عشب البرية خضرها ، وأما المخنوق الذي دمه فيه فلا تأكلوه فإن دمع نفسه ، وأما دماؤكم من أنفسكم فأطلها بالنهي من يد جميع الحيوان ومن يد جميع الناس ، أي إنسان قتل أخاه طالبته بدمه ، ومن سفك دم الإنسان سفك دمه لأن الل خلق آدم بصورته ، وأنتم فانموا واكثروا وولدوا في الأرض وأكثروا فيها ؛ وقال الله لنوح ولبنيه معه : هأنذا مثبت عهدي بينس وبينكم ومع أنسالكم من بعدهم ومع كل نفس حية منكم ،