كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 554
) بالبشرى ( ) فضحكت ) أي تعجبت من تلك البشرى لزوجها مع كبره ، وربما طنته من غيرها لأنها - مع أنها كانت عقيماً - عجوز ، فهو من إطلاق المسبب على السبب إشارة إلى أنه تعجب عظيم ) فبشرناها ) أي فتسبب عن تعجبها أنا أعدنا لها البشرى مشافهة بلسان الملائكة تشريفاً لها وتحقيقاً أنه منها ) بإسحاق ( تلده ) ومن وراء إسحاق يعقوب ) أي يكون يعقوب ابناً لإسحاق ، والذي يدل على ما قدّرته - من أنهم بشروه بالولد قبل امرأته فسمعت فعجبت - ما يأتي عن نص التوراة ، والحكم العلد على ذلك كله قوله تعالى في الذريات
77 ( ) قالوا لا تخف وبشروه بلام عليم فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهه ( ) 7
[ الذاريات : 28 - 29 ] - الآية .
ولما شافهوها بذلك ، صرحت بوجه العجب من أنه جامع بين عجبين في كونه منه ومنا بأن ) قالت يا ويلتي ( وهي كلمة تؤذن بأمر فظيع تخف على أفواه النساء ويستعملنها إلى اليوم ، لكنهن غيرن في لفظها كما غير كثير من الكالم ؛ والويل : حلول الشر ؛ والألف في آخره بدل عن ياء الإضافة ، كنى بها هنا عن العجب الشديد لما فيه من الشهرة ومراجمة الظنون ؛ وقالالرماني : إن معناها الإيذان بورود الأمر الفظيع كما تقول العرب : يا للدواهي أي تعالين فإنه من أحيانك فحضور ما حضر من أشكالك .
ولما كان ما بشرت به منكراً في نفسه بحسب العادة قالت : ( ءَألد وأنا ) أي والحال أني ) عجوز وهذا ) أي من هة حاضري ) بعلي شيخاً ( ثم ترجمت ذلك بما هو تنيجة فقالت مؤكدة لأنه - لما له من خرق العوائد - في حيز المنكر عندالناس : ( إن هذا ) أي الأمر المبشر به ) لشيء عجيب ( فكأنه قيل : فماذا قيل لها ؟ فقيل : ( قالوآ ( اي الملائكة متعجبين من تعجبها ) أتعجبين من أمر الله ( اي الذي له الكمال كله ، وهو لا ينبغي لك لأنك معتادة من الله بما ليس لغيركم من الخوارق ، والعجب إنما يكون مما خرج عن أشكاله وخفي سببه ، وأنت - لثبات علمك بالسبب الذي هو قدرة الله على كل شيء وحضوره لديك مع اصطفاء الله لكم وتكرر خرقه للعوائد في شؤونكم - لست كغيرك ممن ليس كذلك ؛ ثم عللوا إنكارهم لتعجبها بقولهم : ( رحمت الله ) أي كرامة الذي لع الإحاطة بصفات الجلال والإكرام ) وبركاته ) أي خيراته النامية الثابتة ) عليكم ( وبينوا خصوصيتهم بإسقاط أداة النداء مدحه لهم فقال : ( أهل البيت ( قد تمرنتم على مشاهدة العجائب لكثرة ما ترون من آثاره بمثل ذلك وغيره ؛ ثم علل إحسانه إليهم مؤكداً تثبيتاً لأصل الكلام الذي أنكرته فقال : ( إنه ) أي بخصوص هذا الإحسان ) حميد مجيد ) أي كثير التعرف إلى من يشاء من جلائل التعمم وعظيم المقدور بما يعرف أنه مستحق الحمد على المجد ، وهو الكرم الذي ينشأ عنه الجود ، فلما سمعوا ذلك