كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 561
فعل من يستبعد الصبح ، فأنكروا ذلك بقولهم : ( أليس الصبح بقريب ) أي فأسرع الخروج بمن أمرت بهم ؛ والإسراء : سير الليل كالسرى .
ولما انقضى تسكين لوط عليه السلام والتقدم إليه فيما يفعل ، أخبر تعالى عن حال قومه فقال : ( فلما جاء أمرنا ( بالفاء لما مضى في قصة صالح عليه السلام من التسبيب والتعقيب ، أي فلما خرج منها لوط بأهله جاءنا أمرنا ، ولما جاء أمرنا الذي هو عذابنا والأمر به ) جعلنا ( بما لنا من العظمة ) عاليها ) أي عالي مدنهم وهم فيها ) سافلها وأمطرنا عليها ) أي على مدنهم بعد قلبها من أجلهم وسيأتي في سورة الحجر سر الإتيان هنا بضمير ( ها ) دون ضمير ( هم ) ) حجارة من سجيل ) أي مرسلة من مكان هو في غاية العلو ) منضود ( بالحجارة هي فيه متراكبة بعضها على بعض حال كونها ) مسومة ) أي معلمة بعلامات تدل على أنها معدة للعذاب من السيما والسومة وهي العلامة تجعل للإبل الشائمة لتتميز إذا اختلطت في المرعى ، وفي الذريات
77 ( ) حجارة من طين ( ) 7
[ الذاريات : 33 ] وذلك أن الحجارة اصلها تراب يجعل الله فيه بواسطة الماء قابلية للاستحجار كما جعل فيه قابلية التحول إلى المعدن من الذهب والفضة والحديد وغيرها ، فباعتبار أصله هو طين ، وباعتبار أوله حجر وكبريت ونار ، ولعل حجر الكبريت أثقل الحجارة مع ما فيه من قوة النار وقبح الريح ؛ ثم فخمها بقوله : ( عند ربك ( وعبر بالرب إشارة إلى كثرة إحسانه وإليه وا ، ه إنما أمره ( صلى الله عليه وسلم ) بالإنذار وحمة لأمته التي جعلها خير الأمم وسيجعلها أكثر الأمم ، ولا يهلكها كما أهلكهم ؛ ومادة سجل - بأي ترتيب كان - تدور على العو ، من الجلس للغيظ من الأرض والجمل الوثيق ، ويلزم العلوالتصويب ومن جلس - إذا قعد ؛ والسجل للدلو العظيمة ، ويكون غالباً في مقابلتها أخرى ، كلما نزلت واحدة طلعت الأخرى ، فتاتي المساجلة بمعنى المبادرة والمفاخرة ، والسجل : الضرع العظيم ، والسجل - بالكسر وشد اللام : الكتاب لنه يذكر فيه ما يكون به المفاخرة والمغالبة ؛ وسلج الطعام : بلعه ، والسلجان : نبات رخو ، كأنه سمي بذلك لأن أغصانه تأخذ إلى أسفل لرخاوتها ، وقد دل على هذا المعنى في هذه الآية بثلاثة أشياء : الإمطار ، وافظ ( على ) ، وسجيل .
ولما كان المعنى أنها من مكان هو في غاية العلو ليعظم وقعها ، حسن كل الحسن اتباع ذلك قوله : ( وما هي ( على شدة بعد مكانها ) من الظالمين ) أي من أحد من العريقين في الظلم في ذلك الزمان ولا هذا ولا زمن من الأزمان ) ببعيد ( لئلا يتوهم الاحتياج في وصولها إلى المرمى بها إلى زمن طويل .

الصفحة 561