كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 592
قوله : ( وقل ( ويجوز أن يكون معطزفاً على قوله ) واصبر ( اي اصبر على ما أمرناك من تبليغ وحينا وامتثاله ، وقل ) للذين ( اي لم تؤثر فيهم هذه المرعظة فهم ) لا يؤمنون ) أي لا يتجدد لهم إيمان منذراً لهم ) اعملوا ( متمكنين ) على مكانتكم ) أي طريقتكم التي تتمكنون من العمل عليها .
ولما كان العمل واجباً عليه ( صلى الله عليه وسلم ) وعلى كل من تبعه فهم عاملون لا محالة سواء عمل الكفار أو لا ، قال مؤكداً لأجل إنكار الكفار أن يدوموا على العمل المخالف لهم مع ما يصل إليهم لأجله من الضر ، معرياً له عن فاء السبب لذلك والاستئناف : ( إنا ) أي أنا ومن معي ) عالمون ) أي ثابت عملنا لا نحول عنه لأن ما كان لله فهو دائم بدوامه سبحانه ، وحذف النون الثانية اكتفاء بمطلق التأكيد لأنه كافٍ في الإعلام بالجزم في النية ، وفيه تأدب بالإشارة إلى أن المستقبل أمر لا اطلاع عليه لغير الله فينبغي أن لا يبلغ في التأكيد فيه غيره ، وهذا بخلاف ما في سورة فصلت مما هو جارٍ على ألسنة الكفرة ) وانتظروا ) أي ما أنتم منتظرون له من قهرنا ) إنا منتظرون ) أي ما وعدنا الله في أمركم ، فإن الله مهلكهم ومنجيك لأنه عالم بغيب حالك وحالهم وقادر عليكم ؛ والانتظار : طلب الإدراك لما يأتي من الأمر الذي يقدر النظر إليه ؛ والتوقع : طلب ما يقدر نه يقع ، وهما يكونان في الخير والشر ومع العلم والشك ، والترجي لا يكون إلا مع الخير والشك .
هود : ( 118 - 123 ) ولو شاء ربك. .. . .
) وَللَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( ( )
ولما تضمن هذا التهديد العلم والقدرة ، قال عاطفا على ما تقديره : فلله كل ما شوهد من أمرنا وأمركم وأمنر عالم الغيب والشهادة كله ما كان من ابتداء أمورنا ) ولله ) أي المحيط وحده بكل شيءموات والأرض ) أي جميع ما غاب علمه عن العباد فهو تام العلم ، ومنه ما ينهى عنه وإن ظن الجهلة أنه خارج عن قدرنه لما أظهر من الزجر عنه ومن كراهيته .
ولما كان السياق هنا لأنه سبحانه خلق ذواتهم ومعانيهم للاختلاف ، وكان تهديدهم على المعاصي ربما أوهم أنه بغير إرادته ، فكان ربما قال جاهل : أنا برئ من المخالفين لأوليائه كثيرا جدا ، وعادة الخلق أن من خالفهم خارج عن أمرهم ، كان الجواب على تقدير التسليم لهذا الأمر الظاهر : فله كان الأمر ظاهرا وباطنا ) وإليه ) أي وحده ) يرجع ( بعد أن كان للجاهل أن خرج عنه ، والرجوع : ذهاب الشيء