كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 7
عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ ) 73
( ) 71
ولما تقدم سبحانه إليه ( صلى الله عليه وسلم ) في امر الإنذاروالإذكار بالكتاب تقدم إلى اتباعه فأمرهم باتباعه ونهاهم عن اتباع أهل الضلال وما يوحي إليهم أولياؤهم من زخارفهم بعد أن أخبر بكونه ذكرى أنه سبب لعلو شأنهم وعز سلطانهم ، فقال متافتاً إليهم مقبلاً جلاله عليهم ) اتبعوا ) أي حملوا أنفسكم حملاً عظيماً بجد ونشاط على اتباع ) وما أنزل إليكم ( اي قد خصصتم به دون غيركم فاشكروا هذه النعمة ) من ربكم ) أي الذي محسناً إليكم ) ولاتتبعوا ( ولعله عبر بالافتعال إيماء إلى أن ما كان دون علاج - بل هفوة وبنوع غفلة - في محل العفو ) من دونه ) أي دون ربكم ) أولياء ) أي من الذين نهيناكم عنهم في الأنعام وبينا ضررهم لكم من شياطين الإنس والجن وعدم إغنائهم وأن الأمر كله لربكم .
ولما كانوا قد خالفوا في اتباعهم صريح العقل وسليم الطبع ، وعندهم أمثلة ذلك لو تذكروا ، قال منبهاً لهم على تذكر ما يعرفون من تصرفاتهم : ( قليلاً ( وأكد التقليل ب ( ما ) النافي وبإدغام تاء التفعيل فقال : ( ما تذكرون ) أي تعالجون أنفسكم على ذكر ما هو مركوز في فطركم الأولى فإنكم مقرون بأن ربكم رب كل شيء فكل من تدعون من دونه مربوب ، وأنتم لا تجدون في عقولكم ولا طباعكم ولا استعمالاتكم ما يدل بنوع دلالة على ان مربوباً يكون شريكاً لربه .
ولما كان من أعظم ما يتذكر سار النعم وضار النقم للغقبال على الله والإعراض عما سواه وعدم الأغترار باسباب الأمن والراحة ، قال : ( وكم ( اي قلّ تذكركم وخوفكم من سطواتنا والحال أنه كم ) من قرية ( وإن جلت ؛ ولما كان المراد المبالغة في افهلاك ، أسنده إلى القرية والمراد أهلها فقال : ( أهلكنا ها ) أي بما لنا من العظمة لظلمها باتباع من دون الله ، فلا تغتروا بأوليائكم من دونه وأنتم عالمون بأنهم لم ينفعوا من ضل من الأمم السالفة وقت إنزالنا بهم السطوة وإحلالنا بهم النقمة وتحقق المهلكون إذ ذاك - مع أنهم كانوا أشد بطشاً واكثر عدداً وأمتن كيداً - عدم إغنائهم فلم يوجهوا آمالهم نحوهم ولما كان المعنى : اردنا إهلاكها وحكمنا به ، سبب عنه قوله : ( فجاءها بأسنا ) أي عذابنا بما لنا من القوة والعظمة ، أو الإهلاك على حقيقة وهذا تفصيل له وتفسير ؛ ولما كان لا فرق في إتيان عذابه سبحانه بين كونه ليلاً أو نهاراً ، وكان أفحش الباس واشده ما كان في وقت الراحة والدعة والغفلة قال : ( بياتاً ) أي وقت الاستكنان في البيوت ليلاً كما أهللك قوم لوط عليه السلام وقت السحر

الصفحة 7