كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)

وقولهم: «إن تسلم الجلّة فالنّيب هدر» الجلّة: جمع جليل يعنى العظام من الإبل، والنيب: جمع ناب وهى الناقة المسنّة؛ معناه إذا سلم ما ينتفع به هان ما لا ينتفع به.
وقولهم: «إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر» يقال: إن بنى ثعلبة ابن سعد في الجاهلية تراهنوا على الشمس والقمر ليلة أربع عشرة، فقالت طائفة:
تطلع الشمس والقمر يرى، وقالت طائفة: بل يغيب قبل طلوعها، فتراضوا برجل جعلوه بينهم، فقال رجل منهم: إن قومى يبغون علىّ، فقال العدل: إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر؛ فذهبت مثلا: يضرب للأمر المشهور.
وقولهم: «إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا» الإعصار: ريح شديدة تهبّ فيما بين السماء والأرض: يضرب للمدل بنفسه إذا صلّى بمن هو أدهى منه وأشد.
وقولهم: «إنّك خير من تفاريق العصا» قالوا: قالته غنيّة الأعرابية لابنها، وكان عارما مع ضعفه، فواثب يوما فتى فقطع أذنه فأخذت ديتها، فزادت حسن حل ثم واثب آخر فقطع شفته فأخذت الدية فذكرته في أرجوزتها فقالت
أحلف بالمروة حقّا والصّفا ... إنك أجدى «1» من تفاريق العصا
فقيل لأعرابى: ما تفاريق العصا؟ فقال: العصا تقطع ساجورا والسواجير للكلاب والأسرى من الناس ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتادا ويقطع الوتد فيصير كل قطعة شظاظا وإن جعل لرأس الشظاظ كالفلكة صار للبختىّ مهارا وهو

الصفحة 10