كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)

وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: أثنى قوم على رجل عند النبىّ صلّى الله عليه وسلم حتى بالغوا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «كيف عقل الرجل؟» فقالوا: نخبرك عن اجتهاده في العبادة وأصناف الخير وتسألنا عن عقله! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر، وترتفع العباد غدا في الدرجات على قدر عقولهم» .
ومن كلام لقمان لابنه: أن تكون أخرس عاقلا خير من أن تكون نطوقا جاهلا، ولكل شىء دليل، ودليل العقل النقل، ودليل النقل الصمت، وكفى بك جهلا أن تنهى الناس عن شىء وتركبه.
وقال عيسى عليه السّلام: عالجت الأكمه والأبرص فأبرأتهما، وعالحت الأحمق فأعيانى؛ قال شاعر
لكل داء دواء يستطبّ به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها
وقال آخر
وعلاج الأبدان أيسر خطب ... حين تعتلّ من علاج العقول
وقال آخر
الحمق داء ما له حيلة ... ترجى كبعد النجم من مسّه
وقيل: إذا قيل لك إن فقيرا استغنى، وغنيّا افتقر، وحيّا مات، أو ميتا عاش، فصدّق، وإذا بلغك أن أحمق استفاد عقلا فلا تصدّق.
وقالوا: الأحمق لتمنى أمّه أنّها به مشكلة، ولتمنى زوجه أنّها منه أرملة، ويتمنى جاره منه العزلة، ورفيقه منه الوحشة، وأخوه منه الفرقة.

الصفحة 354