كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)
وقال سهل بن هارون: وجدت مودّة الجاهل، وعداوة العاقل، أسوة في الخطر، ووجدت الأنس بالجاهل، والوحشة من العاقل، سيّين في العيب، ووجدت غشّ العاقل أقلّ ضررا من نصيحة الجاهل، ووجدت ظنّ العاقل أوقع بالصواب من يقين الجاهل، ووجدت العاقل أحفظ لما لم يستكتم من الجاهل لما استكتم.
وقال لقمان لابنه: لا تعاشر الأحمق وإن كان ذا جمال، وانظر إلى السيف ما أحسن منظره وأقبح أثره! وقال علىّ رضى الله عنه: قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل؛ وقال: صديق الجاهل في تعب.
وقال آخر: لأنا للعاقل المدبر، أرجى شىء من الأحمق المقبل، وقال شاعر
عدوّك ذو العقل خير من الصّديق ... لك الوامق الأحمق
والبيت المشهور السائر
ولأن يعادى عاقلا خير له ... من أن يكون له صديق أحمق
وقيل: الحمق يسلب السلامة، ويورث الندامة؛ وقد ذمّوا من له أدب بلا عقل.
ووصف أعرابىّ رجلا فقال: هو ذو أدب وافر، وعقل نافر؛ قال شاعر
فهبك أخا الآداب، أىّ فضيلة ... تكون لذى علم وليس له عقل؟
ومن صفات الأحمق وعلاماته، قيل: ما أعدمك من الأحمق فلا يعدمك منه كثرة الالتفات وسرعة الجواب، ومن علاماته الثقة بكلّ أحد.
الصفحة 355
395