كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)

وقال مسلمة بن عبد الملك لجلسائه: يعرف حمق الرجل في أربع، طول لحيته، وبشاعة كنيته، وإفراط شهوته، ونقش خاتمه، فدخل عليه رجل طويل اللحية، فقال: أمّا هذا فقد أتاكم بواحدة، فانظروا أين هو من الثّلاث؟ فقيل له: ما كنيتك؟
فقال: أبو الياقوت، فقيل له: ما نقش خاتمك؟ فقال: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ)
قيل: فأىّ الطعام أحبّ إليك؟ قال: الجلنجبين «1» ، فقال مسلمة:
فيه ما بعد كنيته، مع طول لحيته، مع نقش خاتمه، شك لمعتبر.
قال الشّعبىّ: خطب الحجاج يوم جمعة فأطال، فقام إليه أعرابىّ، فقال له:
إن الوقت لا ينتظرك وإنّ الربّ لا يعذرك، فأمر به فحبس، فأتاه أهله يشفعون فيه وقالوا: إنه مجنون، فقال الحجاج: إن أقرّ بالجنون خليت سبيله، فأتوه وسألوه ذلك، فقال: لا والله، لا أقول إن الله ابتلانى وقد عافانى، فبلغ كلامه الحجاج، فعظم في نفسه وأطلقه.
وقال الأصمعىّ: قلت لغلام من أبناء العرب: أيسرّك أن يكون لك مائة ألف وأنت أحمق؟ قال: لا والله، قلت: ولم؟ قال: أخاف أن يجنى علىّ حمقى جناية، فتذهب منّى، ويبقى حمقى.
والعرب تضرب المثل في الحمق بعجل بن لجيم، ويزعمون أنّه قيل له: إنّ لكل فرس جواد اسما، وإنّ فرسك هذا سابق فسمّه، ففقأ عينه وقال: سميته الأعور، وفيه يقول الشاعر

الصفحة 357