كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)

ويقال: الكذب جماع النفاق، وعماد مساوىء الاخلاق، عار لازم، وذلّ دائم، يخيف صاحبه نفسه وهو آمن، ويكشف ستر الحسب عن لؤمه الكامن، وقال بعض الشعراء
لا يكذب المرء إلا من مهانته ... أو عادة السوء أو من قلّة الورع
وقال الأصمعىّ: قيل لرجل معروف بالكذب. هل صدقت؟ قال: أخاف أن أقول: «لا» فأصدق. وآفة الكذب النسيان. قال شاعر
ومن آفة الكذّاب نسيان كذبه ... وتلقاه ذا دهى إذا كان كاذبا
وقال علىّ بن اللّحام شاعر اليتيمة
تكذب الكذبة يوما ... ثم تنساها قريبا
كن ذكورا يا أبا يحيى ... إذا كنت كذوبا
وقال أبو تمّام
يا أكثر الناس وعدا حشوه خلف ... وأكثر الناس قولا حشوه كذب
وقال أحمد بن محمّد بن عبد ربّه
صحيفة أفنيت «ليت» بها و «عسى» ... عنوانها راحة الراجى إذا يئسا
وعد له هاجس في القلب قد برمت ... أحشاء صدرى به من طول ما هجسا
يراعة غرّنى منها وميض سنا ... حتى مددت إليها الكفّ مقتبسا
فصادفت حجرا لو كنت تضربه ... من لؤمه بعصا موسى لما انبجسا
وقال آخر
وتقول لى قولا أظنّك صادقا ... فأحىء من طمع اليك وأذهب
فإذا اجتمعت أنا وأنت بمجلس ... قالوا مسيلمة وهذا أشعب

الصفحة 363