كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)

ذكر ما قيل في الغدر والخيانة
قال الله عزّوجلّ: (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) .
وروى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «من أمّن رجلا ثم قتله وجبت له النار وإن كان المقتول كافرا» وعنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا جمع الله الأوّلين والآخرين رفع لكل غادر لواء وقيل: هذه غدرة فلان» .
وقالوا: من نقض عهده، ومنع رفده، فلا خير عنده.
وقالوا: الغالب بالغدر مغلول، والناكث للعهد ممقوت مخذول.
وقالوا: من علامات النفاق، نقض العهد والميثاق.
وقالوا: لا عذر في الغدر. والعذر يصلح في كل المواطن، ولا عذر لغادر ولا خائن.
وفي بعض الكتب المنزّلة: إن مما تعجّل عقوبته من الذنوب ولا يؤخر: الإحسان يكفر، والذّمة تحفر. قال شاعر
أخلق بمن رضى الخيانة شيمة ... أن لا يرى إلا صريع حوادث
ما زالت الأرزاء تلحق بؤسها ... أبدا بغادر ذمّة أو ناكث
وقالوا: الغدر ضامن العثرة، قاطع ليد النّصرة.
ويقال: من تعدّى على جاره، دلّ على لؤم نجاره.

الصفحة 364