كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)
وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: ما وجد أحد في نفسه كبرا إلا من مهانة يجدها في نفسه.
وقالوا: من قل لبّه، كثر عجبه.
وقالوا: عجب المرء بنفسه، أحد حسّاد عقله.
وقال أزدشير بن بابك: ما الكبر إلا فضل حمق لم يدر صاحبه أين يضعه فصرفه إلى الكبر.
ومن كلام لابن المعتزّ: لما عرف أهل التقصير حالهم، عند أهل الكمال استعانوا بالكبر ليعظّم صغيرا، ويرفع حقيرا، وليس بفاعل.
وقال أكثم بن صيفىّ: من أصاب حظا من دنياه، فأصاره ذلك الى كبر وترفّع، فقد علم أنه نال فوق ما يستحقّ، ومن أقام على حاله فقد علم أنه نال ما يستحقّ، ومن تواضع وغادر الكبر، فقد علم أنه نال دون ما يستحقّ.
وقال على رضى الله عنه: عجبت للمتكبر الذى كان بالأمس نطفة، وهو غدا جيفة.
وقيل: مرّ بعض أولاد المهلّب بمالك بن دينار وهو يخطر، فقال له: يا بنىّ، لو خفّضت بعض هذه الخيلاء! ألم يكن أحسن بك من هذه الشّهرة التى قد شهرت بها نفسك؟ فقال له الفتى: أو ما تعرف من أنا؟ قال: بلى! والله أعرفك معرفة جيّدة، أوّلك نطفة مذره، وآخرك جيفة قذره، وأنت بين ذلك حامل عذره، فأرخى الفتى ردينه وكفّ مما كان يفعله، وطأطأ رأسه، ومضى مسترسلا.
وقال الواقدىّ: دخل الفضل بن يحيى ذات يوم على أبيه وهو يتبختر في مشيته، فقال له يحيى: يا أبا عبد الله، إن البخل والجهل مع التواضع، أزين بالرجل من الكبر مع السخاء والعلم؛ فيالها من حسنة غطّت على عيبين عظيمين، ويا لها
الصفحة 371
395