كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)
من سيّئة غطّت على حسنتين كبيرتين، ثم أومأ اليه بالجلوس وقال: احفظه يا عبد الله، فإنه أدب كبير أخذناه عن العلماء.
ومن الكبر المستهجن ما روى: أن وائل بن حجر أتى النبى صلّى الله عليه وسلم، فأقطعه أرضا، وقال لمعاوية: اعرض هذه الأرض عليه واكتبها له، فخرج مع وائل في هاجرة شاوية، ومشى خلف ناقته، وقال له: أردفنى على عجز راحلتك، فقال: لست من أرداف الملوك، قال: فأعطنى نعليك، فقال: ما بخل يمنعنى يابن أبى سفيان، ولكن أكره أن يبلغ أقيال اليمن أنك لبست نعلى، ولكن امش فى ظل ناقتى، فحسبك بها شرفا. وقيل: إن وائلا أدرك زمن معاوية ودخل عليه فأقعده معه على السرير وحدّثه.
والعرب تجعل جذيمة الأبرش الغاية في الكبر، وروى: أنه كان لا ينادم أحدا ترفّعا وكبرا، ويقول: إنما ينادمنى الفرقدان. ومنه قول متمّم:
وكنا كندمانى جذيمة حقبة
قيل: إنما أراد الفرقدين، لا كما ذكره الرواة أنهما مالك وعقيل.
وقيل: كان أبو ثوابة أقبح الناس كبرا، روى: أنّه قال لغلامه اسقنى ماء، فقال: نعم، قال: إنما يقول: «نعم» من يقدر على أن يقول: «لا» وأمر بضربه، ودعا أكّارا فكلمه، فلما فرغ دعا بماء، وتمضمض استقذارا لمخاطبته.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
ولا تعجبا أن تؤتيا فتكلّما ... فما حشى الأقوام شرّا من الكبر
الصفحة 372
395