كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)
وقالوا: خلف الوعد، خلق الوغد.
وقال المهلّب لبنيه: يا بنىّ، إذا غدا عليكم الرجل أو راح مسلّما، فكفى بذلك تقاضيا.
قال الشاعر
اروح لتسليم عليك وأغتدى ... فحسبك بالتسليم منى تقاضيا
كفى بطلاب المرء ما لا يناله ... عناء وباليأس المصرّح ناهيا
وقيل: الوعد إذا لم يشفعه إنجاز يحقّقه، كان كلفظ لا معنى له، وجسم لا روح فيه. وقالوا: الخلف ألأم من البخل، لأنه من لم يفعل المعروف، لزمه ذمّ اللؤم «1» ، وذمّ الخلف، وذمّ العجز. قال بعض الشعراء
وعدت فأكذبت المواعيد جاهدا ... وأقلعت إقلاع الجهام بلا وبل
وأجررت لى حبلا طويلا تبعته ... ولم أدر أن اليأس في طرف الحبل
وقال أبو تمّام
وما نفع من قد مات بالأمس صاديا ... إذا ما سماء اليوم طال انهمارها
وما العرف بالتّسويف الا كخلّة ... تسلّيت عنها حين شطّ مزارها
والعرب تضرب المثل بمواعيد عرقوب، وكان رجلا من العماليق وله في ذلك حكايات، فمنها: أنه أتاه أخ له، يسأله شيئا، فقال له عرقوب: إذا أطلعت هذه النخلة فلك طلعها، فلما أطلعت، أتاه الرجل للعدة، فقال: دعها حتى تصير بلحا، فلما أبلحت، أتاه، فقال: دعها حتى تصير زهوا، فلما أزهت، قال: دعها حتى
الصفحة 379
395