كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)
تصير رطبا، فلما أرطبت، قال: دعها حتى تصير تمرا، فلما أتمرت، عمد إليها عرقوب، فجذّها ولم يعط أخاه منها شيئا.
وفيه يقول الأشجعىّ
وعدت وكان الخلف منك سجيّة ... مواعيد عرقوب أخاه بيثرب «1»
وقال كعب بن زهير بن أبى سلمى
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا ... وما مواعيدها إلا الأباطيل
وقال السّكّيت للمهدىّ: يا أمير المؤمنين، لو كان الوعد يستنزل بالإهمال والسكون، لشكرتك القلوب بالضمير، ولنظرت إلى فضلك العيون بالأوهام، فقال المهدىّ:
هذا جزاء التفريط فيما يكسب الأجر، ويدخر الشكر، وأمر بقضاء حاجته.
وقال أعرابىّ: العذر الجميل، أحسن من المطل الطويل، فإن أردت الإنعام فأنجح، وإن تعذّرت الحاجة فأفصح.
وقال بعض كرماء العرب: لأن أموت عطشا، أحبّ إلىّ من أن أخلف موعدا.
وقالوا: من وعد فأخلف، لزمته ثلاث مذمّات: ذمّ اللّؤم، وذمّ الخلف، وذمّ الكذب؛ وقال بعض الشعراء
ولا خير في وعد إذا كان كاذبا ... ولا خير في قول إذا لم يكن فعل
فإن تجمع الآفات فالبخل شرّها ... وشرّ من البخل المواعيد والمطل
قال بعض الأعراب: فلان له مواعيد عواقبها المطل، وثمارها الخلف، ومحصولها اليأس.
الصفحة 380
395