كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)

وقال آخر: فلان له وعد مطمع، ومطل مؤيس، وأنت منه أبدا بين يأس وطمع، فلا بذل مريح، ولا منع صريح.
وقال الثعالبىّ: أوّل من أخلف المواعيد ولم يف بشىء منها: إسماعيل بن صبيّح كاتب الرشيد، وما كان الرؤساء يعرفون قبله المواعيد الكاذبة
ذكر ما قيل في العىّ والحصر
قال الله عزّوجلّ: (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ)
وقال تعالى إخبارا عن فرعون عند افتخاره على موسى بالبيان: (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ)
قال أهل التفسير: إن موسى عليه السّلام لما سمع هذا القول قال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي)
الآية، فقال الله تعالى: (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) .
وقيل: حدّ العىّ معنى قصير، يحويه لفظ طويل. وقال أكثم بن صيفىّ: هو أن تتكلّم فوق ما تقتضيه حاجتك. وقالوا: الفقير الناطق، أغنى من الغنىّ الساكت.
وقال كسرى: الصّمت خير من غىّ الكلام.
وقالوا: فضّل الإنسان على ما عداه من الحيوان بالبيان، فإذا نطق ولم يفصح عاد بهيما.
وقالوا: العىّ داء دواؤه الخرس. ومن علامات العىّ الاستعانة، وهى أن ترى المخاطب إذا كلّ لسانه عند مقاطع كلامه، يقول للمخاطب: اسمع منّى، أو سمعت لى، وافهم عنى، وأشباه ذلك.

الصفحة 381