كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 3)
ومنهم من يقول: قولى كذا، أعنى به كذا، ولا يريد التفسير، ولكنه يعيد كلامه بصيغة أخرى تكون غير مراده الأوّل ليفهم عنه.
ومن عيوب اللسان، التّمتمة، والفأفأة، والعقلة، والحبسة، واللّفف، والرّتّة، والغمغمة، والطّمطمة، واللّكنة، والغنّة، واللّثغة. فالتمتمة، قال الأصمعىّ: إذا تعتع في التاء فهو تمتام، وإذا ردّد في الفاء فهو فأفاء، قال الراجز
ليس بفأفاء ولا تمتام ... ولا كثير الهجر في الكلام
والعقلة: التواء اللسان عند الكلام؛ والحبسة: تعذّر النطق، ولم تبلغ حدّ الفأفاء ولا التمتام، ويقال: إنها تعرض أوّل الكلام، فإذا مرّ فيه انقطعت. واللّفف:
إدخال بعض الكلام في بعص؛ قال الراجز
كانّ فيه لففا إذا نطق ... من طول تحبيس وهمّ وأرق
والرّتّة: اتصال بعض الكلام ببعض دون إفادة؛ والغمغمة: أن تسمع الصوت ولا يتبيّن لك تقطيع الحروف، ولا تفهم معناه؛ والطمطمة: أن يكون الكلام شبيها بكلام العجم، وهى حميريّة، وقالوا: هى إبدال الطاء بالتاء لأنهما من مخرج واحد، فيقول: السّلتان والشّيتان، وأشباه ذلك، قيل: وكانت في لسان زياد بن سلمى، وكان خطيبا شاعرا كاتبا؛ واللّكنة: إدخال بعض حروف العرب في حروف العجم، وتشترك فيها اللغة التركية والنبطيّة، وهى إبدال الهاء حاء، وانقلاب العين همزة، وكانت في لسان عبيد الله بن زياد، وصهيب الرومىّ صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقيل: إن مولى لزياد، قال له: أيها الأمير، أحدوا لنا همار وهش:
يريد: أهدوا لنا حمار وحش، فلم يفهم زياد عنه، وقال: ويلك! ماذا تقول؟
قال: أحدوا لنا أيرا: يريد عيرا، فقال زياد: أرجعنا إلى الأول فهو خير؛ والغنّة:
الصفحة 382
395