كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

سَحَّاءُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيتُم مَا أَنفَقَ مُنذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرضَ، فَإِنَّهُ لَم يَغِض مَا فِي يَمِينِهِ، قَالَ: وَعَرشُهُ عَلَى المَاءِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
متأولة في حقه تعالى؛ لاستحالة حملها على ظواهرها (¬1).
وقوله: (سحاء) بالمد والهمز والرفع، على أنه خبر بعد خبر. والليل والنهار منصوبان على الظرف، متعلقان بما في سحاء من معنى الفعل، وهي الرواية المشهورة. وعند أبي بحر: سحاء منصوبًا منوَّنا على أنه مصدر صدره محذوف، يدل عليه قوة الكلام، كأنه قال: تَسُحّ سحًّا. ويكون من باب قوله:
ما إن تَمَسَّ الأرض إلا منكب ... منه وحرف الساق طيَّ المحمل
والسح: الصبّ الكثير، كما قال امرؤ القيس (¬2):
فدمعهما سَكبٌ وسحٌّ وديمة (¬3) ... . . . . . . . . . . . . .
ويغيضها: ينقصها. يقال: غاض الماء، وغضته، متعديا ولازما. وفاعله مضمر تدل عليه المشاهدة. تقديره: لا ينقصها شيء. وقد جاء هذا المضمر مظهرا في رواية ابن نمير. فقال: لا يغيضها شيء.
ووقع عند الطبري في حديث عبد الرزاق: لا يغيضها سحُّ الليل والنهار، برفع سح على أنه فاعل يغيضها.
وخفض الليل والنهار بالإضافة: على التوسع، كما قالوا: يا سارقَ الليلةِ أهل الدار.
وقوله: (وعرشه على الماء): العَرش: السرير في أصل اللغة، وهو من
¬__________
(¬1) مذهبُ السلف أنهم يُثبتون لله تعالى ما أثبت لنفسه، من غير تأويل ولا تجسيد، وهو الأسلم.
(¬2) اسم الشاعر من (هـ) و (ل).
(¬3) عجز البيت: وَرَشٌّ وتَوْكافٌ وتَنْهَمِلانِ.

الصفحة 38