كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

[877] وَعَن حَارِثَةَ بنِ وَهبٍ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (تَصَدَّقُوا فَيُوشِكُ الرَّجُلُ يَمشِي بِصَدَقَتِهِ فَيَقُولُ الَّذِي أُعطِيَهَا: لَو جِئتَنَا بِهَا بِالأَمسِ قَبِلتُهَا، فَأَمَّا الآنَ فَلا حَاجَةَ لِي فِيهَا، فَلا يَجِدُ مَن يَقبَلُهَا).
رواه أحمد (4/ 306)، والبخاري (1411)، ومسلم (1011)، والنسائي (5/ 77).
[878] وَعَن أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (لَيَأتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ، ثُمَّ لا يَجِدُ أَحَدًا يَأخُذُهَا مِنهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتبَعُهُ أَربَعُونَ امرَأَةً يَلُذنَ بِهِ مِن قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثرَةِ النِّسَاءِ).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (تصدقوا فيوشك الرجل)؛ هذا الأمر حضّ على المبادرة إلى إخراج الصدقة. ويوشك: يسرع.
وقول المعطي له: (لو جئتنا بها بالأمس قبلتها)؛ يعني: أنه قد استغنى عنها بما أخرجت الأرض، كما قال في الحديث الآخر: (تقيء الأرض أفلاذَ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب)، قال ابن السكيت: الفلذ لا يكون إلا للبعير، وهي: القطع المقطوعة طولاً. وحكى أبو عبيد عن الأصمعي: الحزّة والفلذة: ما قُطِعَ طولاً من اللحم، ولم يخصّ كبدًا من غيره.
والأسطوان - بضم الهمزة والطاء -: السّواري، واحدتها: أسطوانة.
وهذا عبارة عما تخرج الأرض من الكنوز والندرات (¬1)، وهذا معنى قوله تعالى: {وَأَخرَجَتِ الأَرضُ أَثقَالَهَا}؛ أي: كنوزها، على أحد التفسيرين، وقيل: موتاها.
وقوله: (ويُرى الرجل الواحد تتبعه أربعون امرأة يلذن به من قلّة الرجال وكثرة النساء)، معنى: يَلُذنَ: يستترن ويتحرزن، من الملاذ الذي هو السترة، لا من
¬__________
(¬1) جمع نَدْرة، وهي القِطعة من الذهب والفضة.

الصفحة 56