كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)
لَا، قَالَ: وَمَن تَبِعُهُ؟ أَشرَافُ النَّاسِ أَم ضُعَفَاؤُهُم؟ قَالَ: قُلتُ: بَل ضُعَفَاؤُهُم، قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَم يَنقُصُونَ؟ قَالَ: قُلتُ: لَا بَل يَزِيدُونَ، قَالَ: هَل يَرتَدُّ أَحَدٌ مِنهُم عَن دِينِهِ بَعدَ أَن يَدخُلَ فِيهِ سَخطَةً لَهُ؟ قَالَ: قُلتُ: لَا، قَالَ: فَهَل قَاتَلتُمُوهُ؟ قُلتُ: نَعَم، قَالَ: فَكَيفَ كَانَ قِتَالُكُم إِيَّاهُ؟ قَالَ: قُلتُ: تَكُونُ الحَربُ بَينَنَا وَبَينَهُ سِجَالًا، يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنهُ، قَالَ: فَهَل يَغدِرُ؟ قُلتُ: لَا، وَنَحنُ مِنهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَمكَنَنِي مِن كَلِمَةٍ أُدخِلُ فِيهَا شَيئًا غَيرَ هَذِهِ، قَالَ: فَهَل قَالَ هَذَا القَولَ أَحَدٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وحسده، وحرصه على إطفاء نوره، ويأبى الله إلا أن يتم نوره. وفيه ما يدل: على أن الكذب مذموم في الجاهلية، والإسلام، وأنه ليس من خلق الكرام.
و(الحسب): الشرف. والحسيب من الرجال: هو الذي يحسب لنفسه آباء أشرافًا ومآثر جميلة. وهو من الحساب (¬1)، وهو العدد.
و(السِّجال) مصدر: ساجله، يساجله، سجالًا: إذا ناوبه، وقاومه. وأصله من السجل: وهو: الدلو العظيمة التي لا يستقل واحد برفعها من البئر. وقد فسّر معناه بقوله: يصيب منا، ونصيب منه.
وقوله: (والله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة)؛ يعني: أنه كان يعلم من خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوفاء، والصدق، وأنه يفي بما عاهدهم عليه، لكن لما كان المستقبل غير حاصل في وقته ذلك لبَّس بتطريق الاحتمال، تمويهًا بما يعلم خلافه.
وقول هرقل في الضعفاء: (هم أتباع الرسل)، إنما كان ذلك لاستيلاء الرئاسة على الأشراف، وصعوبة الانفكاك عنها، والأنفة من الانقياد للغير، والضعيف خلي عن تلك الموانع (¬2)، وهذا غالب أحوال أهل الدنيا، وإلا فقد ظهر أن السُّباق
¬__________
(¬1) ساقط من (ع).
(¬2) في (ز): المواضع.