كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

بِهِم مِنَ الفَاقَةِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلالاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم} الآيَةِ - إِلَى قَولِه {رَقِيبًا} وَالآيَةَ الَّتِي فِي الحَشرِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنظُر نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ} تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِن دِينَارِهِ، مِن دِرهَمِهِ، مِن ثَوبِهِ، مِن صَاعِ بُرِّهِ مِن صَاعِ تَمرِهِ - حَتَّى قَالَ -: وَلَو بِشِقِّ تَمرَةٍ، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَت كَفُّهُ تَعجِزُ عَنهَا، بَل قَد عَجَزَت. قَالَ ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيتُ كَومَينِ مِن طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيتُ وَجهَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذهَبَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَن سَنَّ فِي الإِسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أسفل - من الذهب. ويحتمل أن يريد بها: كأنه فضة مذهبة. كما قال الشاعر:
كأنها فضة [قد] مسها ذهب
ويعني به: تشبيه إشراق وجهه وتنويره، أو كأنه آلة مذهبة، كما يذهب من الجلود والسروج والأقداح وغير ذلك، ويجعل طرائق يتلو بعضها بعضا.
وقد وقع للحميدي في الجمع بين الصحيحين: مدهنة - بالدال المهملة والنون -. قال: والمدهن: نقرة في الجبل يستنقع فيها ماء المطر. والمدهن أيضًا: ما جعل فيه الدُّهن. والمدهنة من ذلك، شبَّه صفاء وجهه بإشراق السرور بصفاء هذا الماء المستنقع في الحجر، أو بصفاء الدهن.
وسروره - صلى الله عليه وسلم - بذلك فرح بما ظهر من فعل المسلمين، ومن سهولة البذل عليهم، ومبادرتهم لذلك، وبما كشف الله من فاقات أولئك المحاويج.
وقوله: (من سن في الإسلام سنّة حسنة)؛ أي: من فعل فعلاً جميلاً فاقتدي به فيه، وكذلك إذا فعل قبيحًا فاقتدي به فيه.
ويفيد الترغيب في الخير المتكرر أجره؛ بسبب الاقتداء والتحذير من الشر المتكرر إثمه بسبب الاقتداء.

الصفحة 63