كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)
حَصدًا. وَأَخفَى بِيَدِهِ وَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ، وَقَالَ: مَوعِدُكُم الصَّفَا. قَالَ: فَمَا أَشرَفَ يَومَئِذٍ لَهُم أَحَدٌ إِلَّا أَنَامُوهُ، قَالَ: وَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- على الصَّفَا، وَجَاءَت الأَنصَارُ فَأَطَافُوا بِالصَّفَا، فَجَاءَ أَبُو سُفيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُبِيدَت خَضرَاءُ قُرَيشٍ، لَا قُرَيشَ بَعدَ اليَومِ. قَالَ أَبُو سُفيَانَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واحد.
و(الحصد): القطع. وأصله في الزرع، واستعاره هنا للقتل لما كانت الرءوس والأيدي تقطع فيه.
وقوله: (وأحفى بيده ووضع يمينه على شماله)؛ كذا صحيح الرواية- بالحاء المهملة- معناه: استأصل؛ أي: أشار إلى ذلك. وبعضهم رواه: (وأكفى) - بالكاف-؛ أي: مال بيده، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - وضع يمناه على يسراه، وأمرها عليها مشيرًا إلى الاستئصال. والله تعالى أعلم.
وقوله: (موعدكم الصفا)؛ ظاهره خطابه للأنصار، فكأنه -صلى الله عليه وسلم- سلك الطريق الأعلى من مكة، وسلكت الأنصار من أسفلها، حتى اجتمعوا عند الصفا. و (الموعد) هنا: موضع الوعد، وقد يأتي كذلك في الزمان، كقوله تعالى: {إِنَّ مَوعِدَهُمُ الصُّبحُ} ويأتي كذلك للمصدر. وهو في كل ذلك مكسور العين.
وقول أبي سفيان: (أبيدت خضراء قريش)؛ أي: أفنيت وأذهبت. وفي رواية أخرى: (أبيحت) من الإباحة. وكلاهما متقارب. و (خضراء قريش) معظمها، وجموعها.
وقوله: (لا قريش بعد اليوم)؛ أي: لا وجود لقريش بعد هذا. وذلك لما رأى من هول الأمر، والغلبة، والقهر، والاستطالة، والاستيلاء عليهم.
وهذا الحديث لمالك نص: على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخلها عنوة، وقهرًا. وهو