كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: فَأَقبَلَ النَّاسُ إِلَى دَارِ أَبِي سُفيَانَ، وَأَغلَقَ النَّاسُ أَبوَابَهُم، قَالَ: فأَقبَلَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَقبَلَ إِلَى الحَجَرِ فَاستَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ بِالبَيتِ، قَالَ: فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنبِ البَيتِ كَانُوا يَعبُدُونَهُ، قَالَ: وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَوسٌ. وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ القَوسِ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطعُنُ فِي عَينِهِ وَيَقُولُ: جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ فَلَمَّا فَرَغَ مِن طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا، فَعَلَا عَلَيهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى البَيتِ، وَرَفَعَ يَدَيهِ فَجَعَلَ يَحمَدُ اللَّهَ وَيَدعُو بِمَا شَاءَ أَن يَدعُوَ.
رواه أحمد (2/ 538)، ومسلم (1780) (84 و 86)، وأبو داود (1872) و (3023).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مفارقته، أو مفارقة أوطانهم، على أن قالوا هذا الكلام، وقد بيَّنوا عذرهم عن هذا حيث قالوا: (ما قلناه إلا ضنًّا برسول الله -صلى الله عليه وسلم -؛ أي: بخلًا.
وإخباره -صلى الله عليه وسلم- إياهم بما قالوا، معجزة من معجزاته.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا فما اسمي إذًا؟ ) قيل: إنما قال ذلك تنبيهًا على صدقه لما ظهرت معجزته بإخباره عما غاب عنه، كما كان يقول عند ظهور الخوارق على يديه: (أشهد أني رسول الله) (¬1). وقيل: إنما قال ذلك تنبيهًا على أن صدق اسمه (محمد) عليه يمنعه من نقض العهد، وترك القيام بحق من له حق، فكأنه قال: لو فعلت ذلك لما استحققت أن أسمّى: محمدًا، ولا: أحمد؛ وكلاهما مأخوذ من الحمد. ويدل على صحة هذا التأويل قوله: (المحيا محياكم، والممات مماتكم) (¬2)؛ أي لا أفارقكم حياتي ولا موتي. وبكاء الأنصار إنما كان فرحًا وصبابة برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
¬__________
(¬1) رواه البيهقي في دلائل النبوة (6/ 229).
(¬2) هو حديث الباب.