كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

وَالنَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:
اللَّهُمَّ إِنَّ الخَيرَ خَيرَ الآخِرَه ... فَاغفِر للأَنصَارَ وَالمُهَاجِرَة.
رواه البخاري (2834)، ومسلم (1805) (130)، والترمذي (3856).
[1306] وَعَن إِبرَاهِيمَ التَّيمِيِّ، عَن أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِندَ حُذَيفَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَو أَدرَكتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَاتَلتُ مَعَهُ فَأَبلَيتُ. فَقَالَ حُذَيفَةُ: أَنتَ كُنتَ تَفعَلُ ذَلِكَ؟ ! لَقَد رَأَيتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لَيلَةَ الأَحزَابِ وَأَخَذَتنَا رِيحٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لأنفسهم بعهد البيعة، وتجديد منهم لها، وإخبار منهم له بالوفاء بمقتضاها. ولما سمع منهم ذلك أجابهم ببشارة: (لا عيش إلا عيش الآخرة)، وبدعاء: (فاغفر للأنصار والمهاجرة). و (المهاجرة) أجراها صفة مؤنثة على موصوف محذوف فكأنه قال: للجماعة المهاجرة (¬1)، الرواية: (والمهاجرة) بألف بعد الواو وقبل اللام، وهو غير موزون؛ لأنه سجع، ولا يشترط فيه الوزن، ولو اشترط فإن الله تعالى قال: {وَمَا عَلَّمنَاهُ الشِّعرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ} ولو قال: وللمهاجرة - بلامين- لاتَّزن، إذا نقل حركة (الأنصار) إلى الساكن.
وقول الرجل: (لو أدركت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاتلت معه فأبليت)؛ أي بالغت في ذلك، واجتهدت فيه حتى يظهر مني ما يبتلى؛ أي: ما يختبر. وقد تقدَّم: أن أصل هذا اللفظ: الاختبار. وأن فيه لغتين جمعهما زهير في قوله:
. . . . . . . . . . ... فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو (¬2)
وقد قيل: إن (بلا) في الخير، و (أبلى) في الشر. ولما قال هذا الرجل هذا الكلام ولم يستثن فيه، فهم منه حذيفة الجزم، والقطع بأنه كذلك كان يفعل، فأنكر
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(¬2) هذا عجز البيت، وصدره: جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم.

الصفحة 646