كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)
[1309] وعَن أَنَسٍ: أَنَّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كُسِرَت رَبَاعِيَتُهُ يَومَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِي رَأسِهِ، فَجَعَلَ يَسلُتُ الدَّمَ عَنهُ، وَيَقُولُ: كَيفَ يُفلِحُ قَومٌ شَجُّوا نَبِيَّهُم وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدعُوهُم. فَأَنزَلَ اللَّهُ: {لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ}
رواه أحمد (3/ 253)، ومسلم (1791)، والترمذي (3002)، وابن ماجه (4027).
[1310] وعَن عَبدِ اللَّهِ قَالَ: كَأَنِّي أَنظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَحكِي نَبِيًّا مِن الأَنبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَومُهُ، وَهُوَ يَمسَحُ الدَّمَ عَن وَجهِهِ، وَهو يَقُولُ: رَبِّ اغفِر لِقَومِي فَإِنَّهُم لَا يَعلَمُونَ.
رواه أحمد (1/ 380)، والبخاري (3477)، ومسلم (1792)، وابن ماجه (4025).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (كيف يفلح قوم شجُّوا نبيهم؟ ) هذا منه -صلى الله عليه وسلم- استبعاد لتوفيق من فعل ذلك به.
وقوله تعالى: {لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ} تقريب لما استبعده، وإطماع في إسلامهم، ولما أُطمع في ذلك، قال -صلى الله عليه وسلم- (¬1): (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون). وإذا تأمل الفطن هذا الدعاء في مثل تلك الحال علم معنى قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يدع عليهم فينتصر، ولم يقتصر على العفو حتى دعا لهم، ولم يقتصر على الدعاء لهم حتى أضافهم لنفسه على جهة الشفقة، ولم يقتصر على ذلك حتى جعل لهم جهلهم بحاله كالعذر، وإن لم يكن عذرًا. وهذا غاية الفضل والكرم التي لا يشارك فيها ولا يوصل إليها.
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين ساقط من (ج).