كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

سَعدُ، أَلَم تَسمَع مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ (يُرِيدُ عَبدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ) قَالَ: كَذَا وَكَذَا. قَالَ: أعف عَنهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاصفَح، فَوَاللَّهِ لَقَد أَعطَاكَ اللَّهُ الَّذِي أَعطَاكَ، وَلَقَد اصطَلَحَ أَهلُ هَذِهِ البُحَيرَةِ أَن يُتَوِّجُوهُ، فَيُعَصِّبُوهُ بِالعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعطَاكَهُ، شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ الذي فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيتَ. فَعَفَا عَنهُ النَّبِيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.
رواه أحمد (5/ 203)، والبخاري (4566)، ومسلم (1798).
[1316] وعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: لَو أَتَيتَ عَبدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ؟ قَالَ: فَانطَلَقَ إِلَيهِ وَرَكِبَ حِمَارًا، وَانطَلَقَ المُسلِمُونَ معه وَهِيَ أَرضٌ سَبَخَةٌ، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قلنا: أَتَاكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِلَيكَ عَنِّي، فَوَاللَّهِ لَقَد آذَانِي نَتنُ حِمَارِكَ. قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِن الأَنصَارِ: وَاللَّهِ لَحِمَارُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري (¬1)
وفي هذا الحديث من الفقه: جواز الابتداء بالسلام على مسلمين وكفار في مجلس واحد. وينبغي أن ينوي المسلمين.
وفيه: الاستراحة ببث الشكوى للصاحب، ولمن يتسلى بحديثه، وينتفع برأيه.
و(الأرض السبخة): التي لا تنبت شيئا لملح أرضها. والطائفة التي غضبت لعبد الله كان منها منافقون على رأي عبد الله، ومنها مؤمنون حملهم على ذلك بقية حمية الجاهلية، ونزعة الشيطان، لكن الله تعالى لطف بهم، حيث أبقى عليهم اسم المؤمنين بقوله: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤمِنِينَ اقتَتَلُوا} ليراجعوا بصائرهم، ويطهروا ضمائرهم.
¬__________
(¬1) البيت لعديِّ بن زيد.

الصفحة 658