كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)
بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ زَانِيَةٍ فَأَصبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ. قَالَ: اللهُمَّ لك الحَمدُ عَلَى زَانِيَةٍ. لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ غَنِيٍّ، فَأَصبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ قَالَ: اللهُمَّ لك الحَمدُ عَلَى غَنِيٍّ. لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ فَأَصبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ. فَقَالَ: اللهُمَّ لك الحَمدُ عَلَى زَانِيَةٍ، وَعَلَى غَنِيٍّ، وَعَلَى سَارِقٍ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَد قُبِلَت، أَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا تَستَعِفُّ عَن زِنَاهَا، وَلَعَلَّ الغَنِيَّ يَعتَبِرُ فَيُنفِقُ مِمَّا أَعطَاهُ اللهُ، وَلَعَلَّ السَّارِقَ يَستَعِفُّ بِهَا عَن سَرِقَتِهِ).
رواه أحمد (2/ 350)، والبخاري (1421)، ومسلم (1022)، والنسائي (5/ 55 - 56).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كما قال تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ}
وقد وقع حديث أبي هريرة هكذا في الأم من [طرق] فيها تثبيج (¬1) وتخليط. وما أثبتناه هنا أحسنها مساقًا، والله تعالى أعلم.
وقول المتصدق: اللهم لك الحمد، على زانية؛ إشعار بألم قلبه؛ إذ ظن أن صدقته لم توافق محلّها، وأنَّ ذلك لم ينفعه، ولذلك كرَّر الصدقة، فلما علم الله صحة نيته تقبلها منه، وأعلمه بفوائد صدقاته.
ويستفاد منه: صحَّة الصدقة وإن لم توافق محلاً مرضيًا، إذا حسنت نية المتصدق (¬2). فأما لو علم المتصدِّق أن المتصدَّق عليه يستعين بتلك الصدقة على معصية الله لحرم عليه ذلك، فإنه من باب التعاون على الإثم والعدوان.
¬__________
(¬1) قال في اللسان: ثَبَّج الكتاب والكلام تثبيجًا: لم يُبيِّنه. وقيل: لم يأتِ به على وجهه.
(¬2) ساقط من (هـ).