كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

بَدءُ الفُجُورِ، وَثِنَاهُ فَعَفَا عَنهُم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنزَلَ اللَّهُ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم وَأَيدِيَكُم عَنهُم بِبَطنِ مَكَّةَ مِن بَعدِ أَن أَظفَرَكُم عَلَيهِم} الآيَةَ كُلَّهَا. قَالَ: ثُمَّ خَرَجنَا راجعين إِلَى المَدِينَةِ، فَنَزَلنَا مَنزِلًا، بَينَنَا وَبَينَ بَنِي لَحيَانَ جَبَلٌ، وَهُم المُشرِكُونَ، فَاستَغفَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لِمَن رَقِيَ هَذَا الجَبَلَ اللَّيلَةَ كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَأَصحَابِهِ. قَالَ سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلكَ اللَّيلَةَ مَرَّتَينِ أَو ثَلَاثًا، ثُمَّ قَدِمنَا المَدِينَةَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِظَهرِهِ مَعَ رَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَا مَعَهُ، وَخَرَجتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلحَةَ أُنَدِّيهِ مَعَ الظَّهرِ، فَلَمَّا أَصبَحنَا إِذَا عَبدُ الرَّحمَنِ الفَزَارِيُّ قَد أَغَارَ عَلَى ظَهرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَاستَاقَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المشهورة، ولابن ماهان: (وثنياه) بضم الثاء، وهو بالمعنى الأول. والفجور هنا هو (¬1): نقض العهد، ورَوم غرة المسلمين، وكان هذا في صلح الحديبية.
وعفو النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هؤلاء السبعين ليتم أمر الصلح. والله تعالى أعلم.
وقد اختلف في سبب نزول قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم} على أقوال هذا أحدها، وهو أصحها.
وقوله: (وهم المشركون) بضم الهاء، وتخفيف الميم، وهي ضمير الجمع. وقد ضبطه بعض الشيوخ: (وهَمَّ) بفتح الهاء، والميم وتشديدها؛ على أنه فعل ماض. و (المشركون) فاعل به.
قال عياض: معناه: هم النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين أمرهم لئلا يغدروهم، ويبيتوهم لقربهم منهم. يقال: همني الأمر، وأهمني. ويقال: همَّني: أذابني، وأهمَّني: غمني.
قلت: والأقرب أن يكون معناه: هم المشركون بالغدر، واستشعر المسلمون منهم بذلك.
¬__________
(¬1) ساقط من (هـ) و (ج).

الصفحة 672