كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

أَكوَعُكَ بُكرَةَ. قَالَ وَأَردَوا فَرَسَينِ على الثَنِيَّةٍ. قَالَ: فَجِئتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذقَةٌ مِن لَبَنٍ، وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَتَوَضَّأتُ وَشَرِبتُ، ثُمَّ أَتَيتُ رَسُولَ اللَّهِ، وَهُوَ عَلَى المَاءِ الَّذِي حَلَّيتُهُم عَنهُ، فَإِذَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، قَد أَخَذَ تِلكَ الإِبِلَ وَكُلَّ شَيءٍ استَنقَذتُهُ مِن المُشرِكِينَ، وَكُلَّ رُمحٍ وكل بُردَةٍ، وَإِذَا بِلَالٌ نَحَرَ نَاقَةً مِن الإِبِلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فحذفها للعلم بها. ويحتمل غير هذا، وهذا أشبه. والثكل: الفقد. والثكلى: المرأة الفاقدة ولدها، الحزينة عليه. ومنه قولهم: ثكل خير من عقوق، وكأنه دعا عليه بالفقد والهلاك.
وقوله: (أكوعه بكرة) الضمير في أكوعه يعود على المتكلم على تقدير الغيبة، كأنه قال: أكوع الرجل المتكلم، وقد فهم منه هذا سلمة، حيث أجابه بقوله: (أكوعك بكرة)، فخاطبه بذلك و (بكرة) منصوب، غير منون على الظرف؛ لأنه لا ينصرف للتعريف والتأنيث؛ لأنه أريد بها بكرة معينة، وكذلك: غدوة. وليس ذلك لشيء من ظروف الأزمنة سواهما فيما علمت.
وقوله: (وأرذوا فرسين)، روايتي فيه بالذال، ومعناه: تركوا فرسين معيبين لم يقدرا على النهوض من الضعف والكلال. والرذية: المعيبة، وجمعها: رذايا، ومنه قول الشاعر:
. . . . . . . . . . . . . . . . ... فهن رذايا في الطريق ودائع
وقد روي بالدال المهملة (أردوا)؛ أي: تركوهما هلكى، من الردى، وهو الهلاك، والأول أوجه؛ لأنه قال: فأقبلت بهما أسوقهما، فدل على أنهما لم يهلكا، وإنما ثقلا كلالًا وإعياءً.
و(السَّطيحة): إناء من جلود يُسطَّح بعضها فوق بعض. و (المذقة): القطرة من اللبن الممزوج بالماء. و (المذق): مَزج اللبن بالماء، وقد تقدَّم القول في النواجذ، وأن المراد بها- هنا-: الضَّواحك.

الصفحة 677