كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

تُضمَر مِن الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسجِدِ بَنِي زُرَيقٍ، وَكَانَ ابنُ عُمَرَ فِيمَن سَابَقَ بِهَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا خلاف في جواز تضمير الخيل والمسابقة بها على الجملة، وكذلك الإبل، وعلى الأقدام، كما جرى في حديث سلمة بن الأكوع، وكذلك المراماة بالسهام، واستعمال الأسلحة، ولا شك في جواز شيء من ذلك؛ إذا لم يكن هنالك مراهنة؛ لأن ذلك كله مما ينتفع به في الحروب، ويحتاج إليه. إنما اختلفوا: هل ذلك من باب الندب، أو من باب الإباحة إذا لم يحتج إلى ذلك، فإن احتيج إلى شيء من ذلك كان حكمه بحسب الحاجة.
وأما المراهنة: فأجازها على الجملة مالك، والشافعي في الخفّ والحافر، والنصل، وذلك على ما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا سبق إلا في خف، أو حافر، أو نصل) (¬1)، على أنه لا يروى هذا الحديث بإسناد صحيح، وهو مع ذلك مشهور عند العلماء، متداول بينهم. وقد منع بعض العلماء الرهان في كل شيء إلا في الخيل؛ لأنها التي كانت عادة العرب المراهنة عليها. وروي عن عطاء: السبق في كل شيء جائز. وقد تؤول عليه؛ لأن حمله على العموم في كل شيء يؤدي إلى إجازة القمار. وهو محرم باتفاق. ثم إن الذين أجازوا الرهان شرطوا فيها شروطًا، وذكروا لها صورًا منها متفق على جوازها، ومنها متفق على منعها، ومنها مختلف فيها. فالمتفق عليها: أن يخرج الإمام أو غيره متطوَّعًا سبقًا (¬2)، ولا فرس له في الحلبة، فمن سبق فله ذلك السبق. وأما المتفق على منعه: فهو أن يخرج كل واحد من المتسابقين سَبقًا، ويشترط أنه إن سبق أمسك سبقه، وأخذ سبق صاحبه. فهذا قمار، فلا يجوز باتفاق؛ إذا لم يكن بينهما محلّلٌ. فإن أدخلا بينهما محللًا يكون له السبق، ولا يكون عليه شيء إن سُبق. فهذه مما اختلف فيها، فأجازها
¬__________
(¬1) رواه أحمد (2/ 474)، وأبو داود (2574)، والترمذي (1700)، والنسائي (6/ 226)، وابن ماجه (2878).
(¬2) "السَّبَق": ما يُجعل من المال رهنًا على المسابقة.

الصفحة 701