كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ عَبدُ اللَّهِ: فَجِئتُ سَابِقًا فَطَفَّفَ بِي الفَرَسُ المَسجِدَ.
رواه البخاري (2868)، ومسلم (1870)، وأبو داود (2575)، والترمذي (1699)، والنسائي (6/ 226).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ابن المسيب، والشافعي، ومالك مرَّة، والمشهور عنه: أنه لا يجوز.
قلت: والصحيح: جوازه إن كان المحلل لا يأمن أن يُسبق؛ لما خرَّجه أبو داود عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أدخل فرسًا بين فرسين، وهو لا يأمن أن يُسبق فليس بقمار، ومن أدخله وقد أمن أن يُسبق فهو قمار) (¬1). وأما إذا لم يكن بينهما محلل لم يجز؛ لأن مقصودهما المخاطرة، والمقامرة. وهو مذهب الزهري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. وقد حُكي فيها الاتفاق، فلو كان للوالي أو غيره فرس في الحلبة، فيخرج سبقًا على أنه إن سبق هو حبس سبقه، وإن سُبق أخذ السبق السابق؛ فأجازها الليث، والشافعي، والثوري، وأبو حنيفة، وهو أحد أقوال مالك؛ لأن الأسباق على ملك أربابها، وهم فيها على ما شرطوه. ومنع ذلك مالك في قول آخر، وبعض أصحابه، وربيعة، والأوزاعي، وقالوا: لا يرجع إليه سبقه، وإنما يأكله من حضر إن سبق مُخرجه، إن لم يكن مع المتسابقين ثالث.
والمسابقة عقد لازم كالإجارة، فيشترط في السَبق ما يشترط في الأجرة من انتفاء الغرر والجهالة. ومن شرط جوازها: أن تكون الخيل متقاربة في النوع والحال. فمتى جهل (¬2) حال أحدها، أو كان مع غير نوعه، كان السبق قمارًا باتفاق.
وقول ابن عمر: (فجئت سابقًا، فطفف بي الفرس المسجد)؛ أي: زاد على
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (2579)، وابن ماجه (2876).
(¬2) في (ع) و (ج): علم.

الصفحة 702