كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

مِنهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِن أَجرٍ أَو غَنِيمَةٍ، وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! مَا مِن كَلمٍ يُكلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ كَهَيئَتِهِ حِينَ كُلِمَ. . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضمن له إحدى الحسنيين؛ إما الشهادة، فيصير إلى الجنة حيًّا يرزق فيها، وإما الرجوع إلى وطنه بالأجر والغنيمة.
وقوله: (نائلا ما نال من أجر أو غنيمة)؛ كذا لأكثر الرواة، بـ (أو) وهي هنا بمعنى الواو الجامعة على مذهب الكوفيين، وأنشدوا:
نال الخلافة أو كانت له قدرًا ... كما أتى ربه موسى على قدر (¬1)
وقد دلَّ على هذا المعنى رواية أبي داود لهذه اللفظة، فإنه قال فيها: (من أجر وغنيمة) بالواو الجامعة. وقد رواه بعض رواة كتاب مسلم بالواو. وذهب بعض العلماء إلى أنها (أو) على بابها لأحد الشيئين، وليست بمعنى الواو. وقال: إن الحاصل لمن لم يستشهد من الجهاد أحد الأمرين: إما الأجر؛ إن لم يغنم، وإما الغنيمة ولا أجر. وهذا ليس بصحيح؛ لما يأتي من حديث عبد الله بن عمرو: أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من غازية تغزو فيصيبوا ويغنموا إلا تعجلوا ثلثي أجورهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث) (¬2)، وهذا نص في أنَّه يحصل له مجموع الأجر والغنيمة. فالوجه: التأويل الأول. والله تعالى أعلم.
وقوله: (ما من كلم يكلم في سبيل الله)؛ أي: ما من جرح يجرح في الجهاد الذي يبتغى به وجه الله.
وقوله: (إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم)؛ فيه دليل: على أن الشهيد لا يغسل. وهو قول الجمهور. وقد تقدم في الجنائز.
¬__________
(¬1) هذا البيت لجرير بن عطية، يمدح الخليفة عمر بن عبد العزيز.
(¬2) رواه مسلم (1906)، وأبو داود (2497)، والنسائي (6/ 17 و 18)، وابن ماجه (2785).

الصفحة 706