كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: نَعَم، إِن قُتِلتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَنتَ صَابِرٌ مُحتَسِبٌ، مُقبِلٌ غَيرُ مُدبِرٍ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: كَيفَ قُلتَ؟ . قَالَ: أَرَأَيتَ إِن قُتِلتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: نَعَم، وَأَنتَ صَابِرٌ مُحتَسِبٌ، مُقبِلٌ غَيرُ مُدبِرٍ، إِلَّا الدَّينَ، فَإِنَّ جِبرِيلَ قَالَ لِي ذَلِكَ.
رواه مسلم (1885) (117)، والترمذي (1712)، والنسائي (6/ 34).
[1350] وعَن عَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرِو: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: القَتلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيءٍ إِلَّا الدَّينَ.
رواه مسلم (1886) (120).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مفسوخ؛ فإن المقصود من هذا الحديث بيان أحكام الديون في الدنيا، وذلك: أنه كان من أحكامها دوام المطالبة، وإن كان الإعسار. وقال بعض الرواة: إن الحر كان يباع في الدين. وامتنع النبي -صلى الله عليه وسلم- من الصلاة على من مات وعليه دينار ولم يجد وفاءً له. فهذه الأحكام وأشباهها هي التي يمكن أن تنسخ، والحديث الأول لم يتعرض لهذه الأحكام؛ وإنما تعرض لمغفرة الذنوب فقط. هذا إذا قلنا: إن هذا ناسخ. فأما إذا حققنا النظر فيه فلا يكون ناسخًا، وإنما غايته: أن تحمل النبي -صلى الله عليه وسلم- على مقتضى كرم خلقه عن المعسر دينه، وسدّ ضيعة الضائع. وقد دل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث بعينه: (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم) (¬1)؛ فعلى هذا يكون هذا التحمل خصوصًا به، أو من جملة تبرعاته لما وسّع الله عليه، وعلى المسلمين. وقد قيل في معنى هذا الحديث: إن معنى ذلك: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام بذلك من مال الخمس والفيء ليبين: أن للغارمين ولأهل الحاجة حقًّا في بيت مال المسلمين، وإن الناظر لهم يجب عليه القيام بذلك لهم، والله تعالى أعلم.
¬__________
(¬1) هو الحديث السابق.

الصفحة 714