كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

[1355] وعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ أَفضَلُ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَالِهِ وَنَفسِهِ. قَالَ: ثُمَّ مَن؟ قَالَ: مُؤمِنٌ فِي شِعبٍ مِن الشِّعَابِ، يَعبُدُ اللَّهَ وَيَدَعُ النَّاسَ مِن شَرِّهِ.
رواه أحمد (3/ 37)، والبخاري (2786)، ومسلم (1888) (122)، وأبو داود (2485)، والترمذي (1660)، والنسائي (6/ 11)، وابن ماجه (3978).
[1356] وعَن أَبِي هُرَيرَةَ: عَن رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: مِن خَيرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُم، رَجُلٌ مُمسِكٌ بعِنَانَ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَطِيرُ عَلَى مَتنِهِ، كُلَّمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (أي الناس أفضل؟ ) أي: أيّ الناس المجاهدين؟ بدليل أنه أجابه بقوله: (رجل مجاهِد بنفسه وماله). ثم ذكر بعده مَن جاهد نفسه بالعُزلة عن الناس؛ إذ كل واحد من الرَّجُلَين مجاهد. فالأول للعدوِّ الخارجيِّ، والآخر للداخليِّ؛ الذي هو: النفس والشيطان، فجاهدهما بقطع المألوفات، والمستحسنات من الأهل، والقرابات، والأصدقاء، والأوطان، والشهوات المعتادات. وكل ذلك فرارا بدينه، وخوفًا عليه. وهذا هو الجهادُ الأكبر؛ الذي من وصل إليه فقد ظفر بالكبريت الأحمر (¬1). غير أن العزلةَ إنما تكونُ مطلوبة إذا كفى المسلمون عدوَّهم، وقام بالجهاد بعضهم. فأما مع تعيّن الجهاد؛ فليس غيرُه بمراد، ولذلك بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الحديث ببيان (¬2) أفضلية الجهاد على العزلة لما قدَّمناه في الباب الذي قبل هذا.
وقوله: (مِن خير معاش الناس لهم)؛ المعاشُ: مصدر بمعنى المعيشة أو
¬__________
(¬1) قال في اللسان: أعزُّ من الكبريت الأحمر. ويُقال: ذهبٌ كبريت؛ أي: خالص.
(¬2) من (م) و (ج 2).

الصفحة 722