كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

[1361] وعَن أَنَسِ: أَنَّ فَتًى مِن أَسلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كقوله: (من قال مثل ما يقول المؤذن كان له مثلُ أجره) (¬1)، وكقوله فيمن توضأ وخرجَ إلى الصلاة فوجد الناس قد صلَّوا: (أعطاه الله من الأجرِ مثل أجر من حضرها، وصلاَّها) (¬2). وهو ظاهرُ قوله تعالى: {وَمَن يَخرُج مِن بَيتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدرِكهُ المَوتُ فَقَد وَقَعَ أَجرُهُ عَلَى اللَّهِ} وهذا المعنى يمكنُ أن يقال فيه (¬3)، ويصار إليه بدليل: أن الثوابَ على الأعمال إنما هو تفضل من الله تعالى، فيهبه لمن يشاء على أي شيءٍ صدر عنه، وبدليل: أنَّ النية هي أصلُ الأعمال، فإذا صحَّت في فعل طاعةٍ فعجز عنها لمانعٍ منع منها فلا بُعدَ في مساواة أجر ذلك العاجز لأجر القادر الفاعل، أو يزيد عليه، وقد دلَّ على هذا: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (نية المؤمن خير من عمله) (¬4)، ولقوله: (إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًّا إلا كانوا معكم، حبسهم العذر) (¬5). وأنص ما في هذا الباب حديث أبي كبشة الأنماري؛ الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما الدنيا لأربعة نفر: رجل آتاه الله تعالى مالًا وعلمًا، فهو يتقي فيه ربَّه، ويصل به (¬6) رحمه، ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل. ورجل آتاه الله علمًا ولم يؤته مالًا، فهو يقولُ: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعَمَلِ (¬7) فلانٍ، فهو بنيته، فأجرهما سواء، ورجلٌ آتاه الله مالًا، ولم يؤته علمًا؛
¬__________
(¬1) رواه أحمد (2/ 352)، والنسائي (2/ 24)، والحاكم (1/ 204)، وابن حبان (1667) بلفظ: "من قال مثل ما قال هذا يقينًا دخل الجنة".
(¬2) رواه أبو داود (564)، والنسائي (2/ 111).
(¬3) في (م) و (ج 2): به.
(¬4) رواه الطبراني في الكبير (6/ 228)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 255).
(¬5) رواه أحمد (3/ 103)، والبخاري (2839)، وأبو داود (2508)، وابن ماجه (2764).
(¬6) في (م) و (ج 2): فيه.
(¬7) في (م): فعلت فيه بفعل.

الصفحة 728