كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)

فَعَرَضُوا لَهُم فَقَتَلُوهُم قَبلَ أَن يَبلُغُوا المَكَانَ، فَقَالَوا: اللَّهُمَّ بَلِّغ عَنَّا نَبِيَّنَا، أَنَّا قَد لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنكَ وَرَضِيتَ عَنَّا، قَالَ: وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا - خَالَ أَنَسٍ- مِن خَلفِهِ فَطَعَنَهُ بِرُمحٍ حَتَّى أَنفَذَهُ، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزتُ وَرَبِّ الكَعبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لِأَصحَابِهِ: إِنَّ إِخوَانَكُم قَد قُتِلُوا، وَإِنَّهُم قَالَوا: اللَّهُمَّ بَلِّغ عَنَّا نَبِيَّنَا، أَنَّا قَد لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنكَ وَرَضِيتَ عَنَّا.
رواه أحمد (1/ 416)، ومسلم (677) في الإمارة (147).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الاجتماع على قراءة القرآن ومدارسة العِلم، وعلى أنَّ المتفرغ للعبادة وطَلَب العلم لا يُخِل بحاله، ولا ينقصُ توكلَه اشتغالُه بالنظر في مطعمه، ومشربه، وحاجته (¬1)؛ كما يذهب إليه بعضُ جُهَّال المتزهدة.
وفيه دليل على أن أيدي الفقراء غير المتفرغين للعبادة فيما يكسبه بعضهم ينبغي أن تكون واحدة، ولا يستأثر بعضهم على الآخر بشيءٍ.
وقولهم: (إنا قد لقيناك)؛ أي: قد وصلنا إلى ما أنعمت به من الجنَّة، والكرامة، ومنزلة الشهادة؛ لأن لقاءَ الله ليس على ما تعارفنا من لقاء بعضنا لبعض.
وقولهم: (فرضينا عنك)؛ أي: بما أوصلتنا إليه من الكرامة والمنزلة الرفيعة. و (رضيت عنا)؛ أي: أحللتنا محل مَن ترضى عنه، فأكرِمَ غاية الإكرام، وأُحسِنَ إليه غاية الإحسان. وعلى هذا: فيكون رضا الله تعالى من صفات الأفعال. ويصح أن يعبّر بالرضا في حق الله تعالى عن إرادة الإكرام والإحسان؛ فيكون من صفات الذات.
وقول حرام عندما طُعن: (فُزتُ ورب الكعبة)؛ أي: بما أعدَّ الله للشُهداء.
¬__________
(¬1) في (ع) و (ج): جماعة، والمثبت من (ج 2).

الصفحة 741