كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 3)
(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة
[900] عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعظَمُ أَجرًا؟ فَقَالَ: (أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهُ: أَن تَصَدَّقَ وَأَنتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخشَى الفَقرَ وَتَأمُلُ البَقَاءَ، وَلا تُمهِلَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلقُومَ قُلتَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(19) ومن باب: أي الصدقة أعظم
قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أما وأبيك لتنبأنَّه)، أما: استفتاح للكلام، وأبيك قسم ومقسم به. وتقدم الكلام على القسم بالأب في كتاب الإيمان. والمقسم عليه: لتُنَبَّأنَّه؛ أي: لَتُخبَرَنَّ به حتى تعلمه.
والشح: المنع مطلقًا، يعم منع المال وغيره. وهو من أوصاف النفس المذمومة؛ ولذلك قال الله: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ} والبخل: بالمال، فكأنه نوع من الشحّ. قال معناه الخطابي. وقد دل على صحة هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالفجور ففجروا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا) (¬1)؛ أي: شح النفس، وهو منعها من القيام بالحقوق المالية وغيرها.
وقوله: (حتى إذا بلغت الحلقوم)؛ أي: النفس، ولم يجر لها ذكر، لكن دل عليها الحال، كما قال تعالى: {فَلَولا إِذَا بَلَغَتِ الحُلقُومَ} ومعناه: قاربت الحلقوم، فلو بلغته لم تأت منه وصية ولا غيرها. والحلقوم: الحلق.
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (1698) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.